د. عبدالرحمن الشلاش
في البداية لا بد أن نؤكد على أن هناك تفهما لدى الكثيرين لما اتخذه مجلس الوزراء من قرارات تهدف للترشيد لمواجهة أزمة انخفاض أسعار النفط، ولكي يبقى الاقتصاد قويا دون أن يتعرض لهزات تؤثر على سير الحياة العامة إلا في أدنى مستوياتها.
وبرغم أن القرارات قد لمست بعض الجوانب المؤثرة إلا أن الفهم العام قد برر هذه الإجراءات بأنها قد جاءت لمواجهة أمور طارئة تستدعي اتخاذ تدابير عاجلة تخفض من مستوى الإنفاق وتوقف الهدر المضر بالمال العام، لكن صدى الشارع المعبر عن الرأي العام عبر قنوات الإعلام الرسمي، والإعلام المفتوح عبر القنوات غير الحكومية ومواقع التواصل الاجتماعي يرى أن تعزز هذه القرارات بقرارات أخرى ستؤدي إلى وقف لكثير من الهدر في جوانب أقل أهمية. أموال تنفق في جوانب ثانوية، وأشياء أقل من ثانوية وتنفق تخصص لها بنود فمن الأولى إعادة النظر فيها.
ليس لدينا فقط بنود الرواتب والمكافآت والبدلات بل إن هناك أموالا تصرف ضمن بنود أولى بأن تلغى لأن الصرف منها لا يتم بالطريقة التي تحقق ما وضعت من أجله، ولأن بعض المسئولين يتسببون في الهدر غير المنضبط فقد أدى ذلك لوجود فساد، وكشفه من مسئولية الهيئات الرقابية، وهي هيئات أنشأتها الدولة لضبط الجوانب الإدارية والمالية في الجهاز الحكومي وكشف أي تجاوزات، ومن تلك الهيئات هيئة مكافحة الفساد وقد صاحب إنشاءها ابتهاج كبير في الشارع السعودي، وآمال عظيمة بتحقيق طموحات القيادة والشعب بتحقيق أقصى درجات النزاهة، إلا أن نتائج أو مخرجات الهيئة ما زالت دون المستوى، وتحولت معظم برامجها إلى برامج توعوية وتثقيفية، لكنها ظلت على حدود الفساد تراوح. الفساد قد نتكلم عنه كثيرا ونفرد له المقالات والصفحات، لكنه سيكون كلاما عاما دون وجود دلائل وشواهد تثبت هذه الأمر أو تنفيه لأنه لا يمكن إطلاق الاتهامات دون أدلة، وإثبات الأدلة الوظيفة الرئيسة للجهات الرقابية ومنها نزاهة لوقف النزف غير المبرر في كافة الأجهزة، وضبط الحنفية كي لا تصب إلا في الحوض الصحيح أي لمن يعملون ويكدحون ويقدمون عندها قد لا يضطر المجلس لاتخاذ قرارات إضافية على حساب موظفي الحكومة ومنهم الوزراء وأعضاء مجلس الشورى وحتى الموظفين في المستويات التنفيذية، أو رفع رسوم الخدمات المختلفة، وهي الأمور التي دائما ما تتردد الدولة في رفعها لإدراكها بمدى الضرر الذي سيلحق بالمواطنين.