ماذا يفعل الأطفال في عالمنا والسماء فوقهم بهذا الانخفاض، كيف يمكن أن يرفعوا رؤوسهم بكامل قاماتها وكيف يتأملون الآفاق البيعدة دون فضاء يتيح لهم الانطلاق، الأطفال في فلسطين والعراق واليمن وسوريا وليبيا والصومال محاصرون ولأنهم مادة المستقبل فأنا هذا يعني أن المستقبل فإن هذا يعني أن المستقبل العربي كله محاصر مساحة الإبداع فيه ضيقة والقدر المتاح للابتكار معدوم تقريباً، فمن المسؤول عن كل هذا ان مسئولية الحصار الذي يعيشه الأطفال العرب بسب الصراع والأزمات والحروب، ومسئولية الحصار كذلك موزعة على جهات عديدة على رأسها نظام الأسرة ودور التعليم والثقافة والإعلام.
يولد الطفل العربي بنفس الدرجة من الذكاء الذي يولد بها الطفل في العالم ويمر الطفل العربي مثله في مراحل النمو المختلفة حتى تبدأ سنوات التفاعل بينه وبين البيئة التي تحيط به عند هذا المراحلة يبدأ الافتراق الخطر فيوصل الطفل الغربي مثلاً مراحل نموه النفسي والبدني وتتهيا له كل ظروف الإبداع، وان كانت ثمة بذور إبدعية في داخله بينما يتوقف منحنى الطفل العربي أو ينحو إلى الانحدار وهو إما أن يعاني موت بذور الإبداع والتجديد داخل الطفل العربي أو علينا نحن أطفال العرب أن نمتلك روح المحارب حتى نستطيع أن نبقى فوق السطح دون أن نكون مهددين بالغرق في الظلام، ولعل هذا يفسر لنا نماذج العلماء العرب المبدعين الذين وجدوا منفذا للهروب من تحت تلك الظروف فرفعو قامتهم وحلقوا عالياً في سماء الابداع خارج أوطانهم.
إن التخلف ليس أحد سمات الشخصية العربية بالتأكيد ولكنه واقع يفرض نفسه علينا ونرضى به يأسا ويتوارثه الأطفال منا ما يتوارثونه من فضائل العادة وإلى متى يبقى الطفل العربي مبدعا في الخارج عاجزا في الداخل، وكيف يمكن لنا أن نرفع ذلك السقف الذي يواصل الانخفاض فوق رؤوس أطفالنا علينا أن نعي أن الطفل العربي هو ثروتنا المهدرة واذا كنا لاندرك أهمية الطفل العربي فإن اعداءنا يدركون ذلك جيدا فعندما يفتح جنود الاحتلال الإسرائيلي النار فإن هدفهم الأول هو أطفال فلسطين الحبيبة، وهم لايحاولون إصابتهم أو تفريقهم ولكنهم يستغلون مهاراتم الحربية بوصفهم أفضل جيش في الشرق الأوسط لكي تكون إصابتهم في الرأس مباشرة أي أنهم يحاولون استئصال المستقبل الفلسطيني في كل طلقة يطلقونها، وقد فطنت إسرائيل إلى أهمية قتل الأطفال.
كذلك نتوقف إلى حال أطفال العراق من معاناة وقتل وتشريد بسب الصراع والأزمات والحروب والصراع المذهبي والطائفية وأطفال سوريا حتى وصل الأمر إلى نزوح جماعي وغرق في البحرالاطفال وكذلك أطفال اليمن السعيد من قتل وقصف وتجنيد الأطفال والزج بهم في الصراع؛ فالغاليية العظمى من أطفالنا يعيشون بلا طفولة حقيقية ويشيخون قبل الأوان فهم وقود الحروب والصرعات العربية، وهم ضحايا العنف والتعذيب والفقر الذي يحرمهم حقهم في التعليم ويلقيهم في أسواق العمل، وحتى الذين يتاح لهم فرص التعليم والترقى قد يقعون ضحايا النظم التعليمية المخلتفة التي تقتل ما في داخلهم من ابداعات وتزرع فيهم الخوف والقلق.
إن الأسرة والمجتمع العربي أفضل حالا من العديد من الأسر الغربية من حيث تماسكها الاجتماعي ولكنها قليلة الامكانات محدودة الحركة فلا توجد مؤسسات تساعدها ولا قوانين تحميها اقتصادية واجتماعية وثقافية وعلمية وسياسية، بالتالي تكون عديمة التفاعل في أحيان كثيرة.
إن الأرقام التي تنشرها المنظمات الإنسانية عن الأطفال العرب الذين يدفعون إلى سوق العمل في وقت مبكر من أعمارهم تثير الرعب، وهناك أطفال صغار يعولون أسرا بأكملها في ريف العديد من الأقطار العربية.
خلاصة القول أننا أطفال العرب أمام واقع لا يضيق الخناق على الطفل المبدع فقط ولكنه لايتيح للأطفال العاديين أن يأخذوا نصيبهم العادل.. إننا كعرب نقف اليوم مأزقا لاوقت لانتظار فيه أكثر مما انتظرنا، وعلينا أن نحزم أمرنا ونؤمن بثقة بأن مستقبلنا كأمة وكأوطان مرتبط بمدى ما ننجح فيه من وضع أطفالنا على الطريق الصحيح فنحشد كل امكاتاتنا ونطوع كل برامجنا التنمويةللاطفال.. وعليكم كآباء الحفاظ على حقوق الأطفال وأن نزرع في أبنائنا النهضة المنشودة لأمتنا.