د. محمد عبدالله العوين
أما وقد نجحت اللوبيات الصهيومجوسية في تمرير قانون «جاستا» بحيل وألاعيب لفظية وقانونية فضفاضة تحقق رغبات ذوي الضحايا وتكسب أصواتهم والمتعاطفين معهم وتملأ حساباتهم البنكية بملايين الدولارات وتثري في الوقت نفسه الخزينة الأمريكية وبنود المساعدات الخارجية التي تحصل من ضرائب الناخب الأمريكي؛ فستسدد التعويضات المطلوبة جزءا كبيرا من المعونات الأمريكية لإسرائيل وإيران، وقد كانت المعونة الأمريكية من قبل للفرس في الخفاء؛ أما الآن فعلى المكشوف.
أما وقد دفع بالقانون إلى حيث التطبيق في المحاكم لمقاضاة « رعاة الإرهاب « كما عللوا سبب تفصيله ورسم بنوده وصلاحياته فلا مناص لنا من أن نواجه ما فصلوه وخيطوه ورسموا دوائر عمله ومكامن تأثيره من أن نسعى بكل ما نملك من جهد لتوجيهه الوجهة التي تخدمنا وتصيب الفاعل المدبر والمخطط والممول للإرهاب في مقتل؛ وهي « إيران « التي أدانتها التحقيقات السابقة وطالبتها بملايين الدولارات تعويضا للضحايا.
نحن ندري كل الدراية عن أهداف مفصلي بنود القانون سيئ الذكر، وأن هدفه ليس إيران، ولا أية دولة أخرى ممولة وصانعة للإرهاب كإسرائيل وأمريكا وروسيا وغيرها؛ فلا مقصود من « جاستا « وإن لم يصرح بالمعني به إلا المملكة مع الأسف، ولكن لكي يبعدوا الاستهداف عن أذهان العالم ويبرؤوا أنفسهم من العداء عن سبق ترصد نحو العرب والمسلمين، ونحو المملكة العربية السعودية على الأخص لم يشيروا إلى السعودية بالاسم؛ كي تكون المحاكمات أمام نظر العالم كله بريئة كل البراءة من الاستهداف المبيت؛ ولكن العارفين المدركين المتابعين لـ « مؤامرة « 11 سبتمبر يعلمون أن الحدث لم يكن وليد صدفة، ولا وقع نتيجة إهمال من الدوائر الأمنية والاستخبارية الأمريكية، فذلك لا يعقل البتة من دولة كبرى تهيمن على نصف المعمورة؛ بل هو عمل متقن التخطيط والتنفيذ والإخراج، ومحدد النتائج، وليس ما تم بعده من أحداث حربية قاسية دمرت بلدانا عديدة بحجة مكافحة الإرهاب إلا أحد نتائجه المستمرة؛ بدءا من تدمير أفغانستان إلى تدمير العراق ثم احتلاله ثم تمكين إيران منه ومنحها الولاية عليه وعلى الشام ومساعدتها للتمدد في المنطقة كلها، وليس اليمن إلا مثلا مؤلما حيا؛ لولا وقفة المملكة الشجاعة مع التحالف العربي الذي كونته لكبح جماح التغول الفارسي في جنوب الجزيرة العربية.
إن الغاية من هذا القانون الاستعماري المزيف هي استهداف المملكة في اقتصادها وفي قرارها السياسي، وتشكيل جبال من المخاوف والقلق لتربكها في مسيرتها الحضارية وتشغلها عن أداء دورها الريادي العربي والإسلامي وتعطيل تنميتها وتقدمها المدني بتحميلها أرتالا من الديون والاستحقاقات المالية غير المبررة تقدر بثلاثة تريولونات من الدولارات كتعويضات مزعومة.
ويستوجب القانون المزيف أيضا تشكيل دوائر مرعبة من التهديدات الجوفاء بالحصار أو المحاكمات المدعاة.
إنها جملة أهداف استعمارية عدائية رسمت لها الصهيومجوسية في أمريكا بعون من دول غربية على رأسها بريطانيا سيناريو 11 سبتمبر بعد أن فشلت خطوات سابقة في إتاحة مداخل لتدمير المنطقة العربية وإضعاف المملكة؛ كالحرب العراقية الخمينية، وغزو الكويت، وتدمير العراق، وثورات الخريف العربي، وحرب اليمن.
لقد أذهل صمود المملكة في تلك الأزمات القاسية المتوالية وآخرها حرب اليمن أمام خطط التدمير الصهيومجوسية من يفكر ويرسم ويخطط؛ فتعلقوا بما بقي من آثار بعض تلك الأحداث بعد مضي خمسة عشر عاما على وقوع مأساة برجي نيويورك وبراءة المملكة وثبوت ضلوع إيران في التدبير والتوجيه والرعاية لإرهابيي القاعدة.
في مقال السبت سأضع ما أرى أنها خطوات ضرورية ممكنة لإسقاط وإفشال هذا القانون؛ لترتد آثاره على إيران التي صنعت إرهاب 11 من سبتمبر.