هدى بنت فهد المعجل
(1)
بؤس أن يشعر الإنسان أنه لا يصلح لشيء، أي شيء، ولا للتضامن مع أخيه الإنسان الآخر؛ لأنه قاصر عن التضامنِ مع نفسهِ.
(2)
أن تتضامن مع نفسك يعني أنك أحببتها، أدركت قيمتها، رعيتها، صنتها، حميتها من تهتك الروح، وتوعك الجسد. أو إذا تضامنت مع نفسك؛ كنتَ لها الدرع الواقي، وكانت لك الوعاء الدافئ.. فكيف بِكَ وقَدْ تضامنتَ مَع الآخر؟
(3)
التضامن مع النفس، جسر نبنيه، نستطيع من خلاله التضامن مع أخينا الإنسان الذي وقفنا على قيمته البشرية والروحية والنفسية؛ وقوفنا على قيمتنا البشرية والروحية والنفسية. وهنا نعي أننا نصلح للشيء، لكل شيء.
(4)
المصافحة: التقاء كفين. المعانقة: التفاف ذراعين حول. الاحتضان: إحساس صدرين مفعمين. وقبلها أنت أمام مسؤولية مصافحة ذاتك، معانقة روحك، واحتضان كيانك؛ كي تعي أبعاد مصافحة الآخر، وعوالم المعانقة، وأكسجين الاحتضان. فإذا تضامنت روحياً مع إنسان أو انصهرت معه في علاقة روحية؛ منحته كفايته؛ نتيجة تضامنك مع نفسك، ومنحك لها الكفاية التي تنتظرها منك.
(5)
والسؤال: هل يمكن أن أتضامن مع غيري تضامناً يفوق تضامني مع ذاتي؟ بمعنى، هل أهب الآخر حباً وأمنحه اهتماماً يتجاوز حبي لذاتي واهتمامي بنفسي؟ بوضوح أدق، هل يبلغ بنا التضامن مع الآخر درجة التضحية والتفضيل على النفس؟ أي هل سيكون البذل على هذا المستوى طبيعياً وبالتالي يستمر ويدوم، أو أنها لحظة عابرة من جراء عنف العلاقة، فإذا ما أخذت العلاقة في (الخفوت) والفتور انتفضت النفس أو انتفضت ذاتك تطلب حقها المقتطع والذي أضحى حقاً إضافياً للآخر؟!
(6)
التضحية: هي التضامن، أو الوجه الآخر له، أو شيء منه. ومنه التضحية بالنفس أو ممتلكاتها في سبيل الآخر، ومن الآخر يمكن أن يكون الوطن أو العرض والكرامة. فهل كل التضحيات مؤشر تضامن؟ وهل جميعها واجب الإقدام عليها كي أدلل على تضامني معك؟ ثم أليس في هذا هتك ستر تضامني مع نفسي بأن آثرت عليها الآخر، وقد كنت في البدء أسست للآخر في داخلي من خلالها وكونها الجسر الذي انبنى وشُيّد..؟!!
أعود فأقول: بؤس أن يشعر الإنسان أنه لا يصلح لشيء، أي شيء، ولا للتضامن مع أخيه الإنسان الآخر؛ لأنه قاصر عن التضامنِ مع نفسهِ.
إضاءة خافتة:
- لو تم توظيف ضمير الغائب في (نصٍ سرديٍ)؛ تجاوزنا إثم «الغيبة» وذنب «النميمة»، وأضفنا إلى المكتبة السردية، إنتاج أستحق أجر التطهير وثواب التطهر.
- أمام الحياة المتعولمة نجلس «مندهشين»، وقوفاً.. نقرض أصابع النمل.. ندرس منهج النحل.. أو أني أتقمص شخصية الذباب وجناحيه الداء والدواء.. أبحث عن «هدى» في دفتر «اللا هدى».. أشرب الجوع.. أبحث أين يمكن أن أكون كم خلال أنامل منفرجة.. (أبحثني) في العولمة الحيية.. فهل أجدني أو أعثر عليك؟!