لا يشك أي إنسان بأهمية المعلم وأن له دوراً كبيراً جداً في تربية وتعليم النشء وأنه صانع المجتمع بعد الله وأن له اليد الطولى في إخراج جيل متسلح بالدين والعلم والتربية. والحديث في هذا الموضوع يحتاج إلى مقال خاص إن شاء الله ويكفي شرف هذه المهنه أن أول معلم لهذه الأمة هو محمد صلى الله عليه وسلم فإذا كان كذلك فإننا بحاجة ملحة إلى معلمين مؤهلين تأهيلاً تربوياً وتعليمياً حتى تسير سفينتنا التعليمية والتربوية إلى بر الأمان، لكن المتتبع إلى ذلك وللأسف يرى أنه ما زال هناك تخبط واضح في اختيار المعلمين وإعدادهم وتدريبهم بدءاً من قبوله في الجامعة وحتى تخرجه منها والأدهى من ذلك أن هناك فئةً من المعلمين لا يعرفون أنهم سيصبحون معلمين يوماً ما وإنما أجبرتهم الظروف والوظيفة بأن يكونوا كذلك، وتم توظيفهم وتركوا يصارعون الحياة الجديدة لوحدهم دونما إعداد أوتدريب أو متابعة، وأصبح الضحية الطالب المسكين، بل وقل ولي الأمر ومدير المدرسة ومن ثم الوزارة نفسها وزارة التعليم التي ما تزال تجابه التيار المعترض على طرق التدريس، بل والمجتمع الذي يعارض المخرجات التعليمية، الضعيفة التي لا تتناسب مع ما يتطلبه من حاجات، للعمل في الوقت الحاضر وما عرفوا وماعلموا أن من أسباب ذلك في المقام الأول (المعلم) الذي يحتاج إلى اختيار دقيق وإعداد وتدريب ومتابعة حتى نخرج بمشيئة الله معلمين مربين أكفاء يقومون بعملهم على خير ما يرام، قد نوافق وزارة التعليم أن ما تقوم به في الوقت الحاضر هو ما يفرض أن تقوم به قبل خمسين عاماً حينما كانت توظف معلمين بعد تخرجهم من معهد المعلمين الابتدائي الذي يعادل الكفاءة المتوسطة، وذلك للاحتياج الشديد لسد النقص الحاصل في المعلمين! أما بعد أن توفرت وكثرت الكليات والجامعات فإنه حان الوقت للتدقيق في اختيار المعلم، وإعداده وتدريبه، وإعطائه حقوقه كاملة وتشجيعه مادياً ومعنوياً ومن ثم مطالبته ومتابعته بدقه عبر آليةٍ واضحةٍ جداً غير ما هو معمول به في الوقت الحاضر، وأن يكون تقييم المعلم على أسس تربوية، وتعليمية واضحة ومحددة، ليس المجال لذكرها في هذا المقال المتواضع المتكرر، المعلم في الوقت الحاضر يقدم أوراقه للجامعة ويتم قبوله وبعد تخرجه يعين معلماً، وهو لم يقرأ عن مراحل النمو ولا سطراً واحداً ولا عن التربية والتعليم كلمة أو كلمتين وأخص بذلك خريجي الكليات غير التربوية وحتى الكليات التي تدعي أنها تربوة، ما هي الجرعات التربوية التي تقدمها لطلابها حتى يكونوا تربويين؟؟؟؟
إنها دون المستوى المطلوب جداً، هذا في أغلب جامعاتنا التربوية، وحينما أقول ذلك فهو من واقع خبرة مررت بها شخصياً عملياً ودراسياً ولن أتحدث عن ذلك لأن المجال ليس كذلك، وما أقصده في هذا الحديث هو المعلم الذي طالما ناديت ونادى غيري بالاهتمام به اختياراً وإعداداً وتدريباً وتشجيعاً ومتابعة، ثم المهم أيضاً لماذا لا يكون اختبارات للمعلمين ولو كل سنتين لنقف على مستواهم التربوي والتعليمي ويحصل بعدها المتميزون والمجدون على حوافز مادية ومعنوية تكون دافعاً للجميع على العمل والإبداع والبحث والتدريب والاطلاع على ما هو جديد في التربية والتعليم، أما أن يكون التشجيع بهذا الأسلوب ويحصل كافة المعلمين على علاوة فإن المعلمين المتميزين سيصابون بالإحباط إذا ما تمت مساواتهم بأولئك الذين يؤدون عملهم كوظيفة فقط أو ربما لا يؤدون أيضاً، بقى في هذه العجالة أن أتقدم إلى المسؤولين وعلى رأسهم وزير التعليم بالاهتمام بهذا الموضوع وأن يكون من أولى اهتماماتهم قبل أي شيء آخر من الأشياء التي تهم التربية والتعليم، كالمقررات والمحتويات والمبنى المدرسي وخلافه لأن المعلم في المقام الأول من سيطوع هذه الأشياء سلباً أو إيجاباً، فما فائدة المقررات الممتازة وخلافها إذا كان لدي معلم فاشل؟! وما فائدة كل شيء إذا لم يوجد لدي معلم مجد مدرب متفانٍ ومخلص في عمله مؤهل لديه الرغبة في العمل الجيد؟!
إنها أسئلة كلها ترجع إجاباتها إلى المعلم أولاً وإلى المسؤولين ثانياً ذلك لأنهم جميعاً سيسخرونها لأن تكون نتائجها إيجابية أو سلبية!!
وعليه فإننا مطالبون من الآن على الأقل أن لا نجعل أي شخص يمتهن هذه المهنة الشريفة، بل أشرف المهن على الإطلاق إلا من هو مؤهل لها وأن لا يدخل إليها إلا من كان لديه رغبة شديدة في ذلك وأن نحاول عاجلاً كما ذكرت تدريب من يحتاج إلى ذلك ممن هو على رأس العمل لأننا بحاجة إلى معلمين مطبوعين لا مصنوعين ونحن هنا نحتاج إلى المعلم المطبوع لا المعلم المصنوع وفي ختام هذه المقالة المتواضعة المتكررة الحديث في هذا الموضوع طويل جداً لكن ما أحببت الإشارة إليه هو رؤوس أقلام ولا أشك مطلقاً إلا أن اللبيب بالإشارة يفهم. وفق الله العاملين المخلصين لدينهم ووطنهم.