يوسف المحيميد
حينما وصف المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إيرنست، أعضاء الكونغرس بتلاميذ مدرسة ابتدائية، حول تصويتهم على قانون مقاضاة رعاة الإرهاب، ما يُسمى جاستا، كان دقيقاً جداً، من حيث إنه لم تتم دراسة هذا القانون من كافة جوانبه، والنظر في تأثيراته على جميع الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت تُمارس ذلك أمام الجميع، والآلاف من أسر الضحايا في العراق وأفغانستان وغيرهما تستطيع مقاضاتها!
فلو تحركت أسرة في البصرة أو بغداد بمقاضاة حكومة جورج بوش الابن لاستنزفت الخزانة الأمريكية، فمن قاد غزواً ظالماً ضد العراق، ومن وسم حملته باسم «الصدمة والترويع»، ومن روَّع ملايين العراقيين في العشرين من مارس 2003، هو من يستحق المقاضاة، وهو من سيضطر إلى دفع مليارات الدولارات، ولعل الاعترافات المسجَّلة لجنود أمريكان عادوا من غزو العراق، تكفي لإدانة الحكومة الأمريكية، وتجبرها على دفع التعويضات.
إذا كان هناك من تلاميذ الكونغرس من يعتقد أن القانون تم تفصيله لمقاضاة السعودية وحدها، فعليه أن يستعد منذ الآن، لدفع الاتهامات المصحوبة بالأدلة على الحكومة الأمريكية، ولعل العقلاء من السياسيين والدبلوماسيين الأمريكيين يدركون ذلك، كما مارك تونر، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، الذي يبدي تعاطفه مع أسر ضحايا تفجيرات 11 سبتمبر، والذين نتعاطف معهم جميعاً، بقوله: يجب أن نضع في الاعتبار الجهة المقابلة، وهو القلق حول أمن وسلامة جنودنا ودبلوماسيينا وموظفينا الآخرين في الخارج، نحن نؤمن بأن هذا القانون يمكن أن يعرض هؤلاء للخطر، يثير قلقنا مصطلح الحصانة السيادية لهؤلاء الأمريكيين.لا يثير هذا قلقنا نحن فقط، وإنما قلق غيرنا أيضًا.
ومن الطبيعي أن تُعامَل كما تعامل الآخرين، وأن ينالك من القانون ما ينال غيرك، فمواطنك الذي يرفع دعوى قضائية ضد دولة ما، سيقابله مواطن آخر من بلاد بعيدة يرفع دعوى ضد حكومتك، ونزع الحصانة السيادية للدول ولمواطنيها، سيقابلها نزع الحصانة السيادية عنك وعن مواطنيك المنتشرين في كافة دول العالم!