محمد آل الشيخ
منطق الساسة والسياسيين في لبنان منطق غريب عجيب، لا يخضع لأي سياق مصلحي ولا تحكمه إلا الفوضى التي لا تزيد الطين اللبناني إلا بللاً وملفاته إلا تعقيداً. أغلب هؤلاء الساسة بلا أسس ومنطلقات قيَميَة، وليس لديهم أي اعتبارات واضحة يمكن التعويل عليها لكي تفك ألغاز منطلقاتهم لتفهمها؛ فقد يكون طائفياً مسيحياً ويتأسلم سياسياً، وقد يكون طائفياً مسلماً اليوم وفي الغد ينقلب على عقبيه ويتمرد على ما كان يدعو له بالأمس القريب.
الجنرال عون يقدم نفسه على أنه يمثل أغلبية المسيحيين المارونيين، لكنه لا يجد حرجاً ولا غضاضة أن يعتمر جُبة الملا الشيعي ويلف رأسه بعمامة الفقيه إذا ما رمق بعينه حزمة دولارات لا سبيل للوصول إليها إلا أن يتشيع ويصفق للولي الفقيه في إيران، و(اللي بده يصير يصير).
يقولون إن هذا الجنرال الماروني يناضل ليتربع على عرش رئاسة الجمهورية، وأنه لتحقيق طموحه هذا تحالف مع حسن نصر الله وحزب الله لأنه في معاييره الصوت الأقوى والأقدر على تحقيق طموحاته وتمهيد الطريق له إلى (بعبدا) حيث القصر الجمهوري في بيروت.
وكما هو معروف حزب الله منظمة إيرانية وإرهابية بامتياز، هكذا يصنفه العالم العربي وتصنفه الولايات المتحدة، وأي بنك من بنوك لبنان يتعامل معه أو يسهل له عملياته المالية يعتبر ارتكب محظوراً يؤدي به إلى الإفلاس. والسؤال: هل من الحصافة والعقل أن تتحالف على رؤوس الأشهاد مع منظمة إرهابية، في زمن يعتبر العالم الإرهاب العدو رقم واحد للبشرية جمعاء؟ لكنه لبنان الذي لا تفهم تعقيدات تحالفات سياسية.
ويبدو أن عون والعونيين قد اكتشفوا أن من يبذل كل الأسباب لإبقاء لبنان دولة دونما رئيس هو حليفهم حزب الله نفسه، حتى وأن أظهر عون للولي الفقيه في طهران ولممثله في بيروت كل آيات الولاء والخضوع؛ فهم يريدون هذا المنصب شاغراً من أي أحد إلى أن يتضح لهم ما هم عليه من حال في سوريا، خاصة وأن تدخُل الروس وإطباقهم على القرار السياسي والعسكري السوري، وتراجع نفوذ الإيرانيين على الساحة السورية، يتطلب تعليق هذا الملف، وإبقاء منصب الرئيس شاغراً إلى أن تتضح الأوضاع السياسية والعسكرية في سوريا. وهذا على ما يبدو أن تيار المستقبل وبالذات زعيمه «سعد الحريري» قد أدركوه أخيراً؛ وأنا على يقين تام فيما لو قبلت كتلة المستقبل بالجنرال عون رئيساً أن حزب الله سيقف ضد التيار العوني ومرشحه، وسيشترطون شروطاً تعجيزية، تجعل من رئيس لبنان مجرد (ناطور) في قصر بعبدا، (لا يهش ولا ينش) حتى تنقشع غبار معارك إيران في سوريا.
فاصلة منفصلة:
كبوة جوادك شوهت صيت خيلك..
لا تنفعك أسف ولا عين غرقا
عطني قفى ظهرك وكمل جميلك..
نفسي على الواطين ما هيب شفقا
شعر: شموخ العقلا
إلى اللقاء.