د.ثريا العريض
دخلنا العام الهجري الجديد فكل عام وأنتم بخير. ندعو بتغيُّر الأوضاع إلى الأفضل، ولابد أن نسعى إلى تحقيق ذلك بالفعل الإيجابي والعمل المركز على الأمل, وليس بالكلام والتحبيط والجدل.
لا وقت هناك لإضاعته في عالم متسارع المتغيرات ومتصاعد الضغوط, فلنتوقف عن التنقيب عن أين أخطأنا في الماضي, ونركز على توضيح ماذا يجب أن نفعل لبناء المستقبل الذي نرغبه. الرغبات لا تتحقق بأحلام تسمح بالكسل.
ما الذي يحدث؟
اقتصادياً؛ نتيجة الاعتماد على سواعد ومهارات الغير, والتساهل في تدفق ملايين عبر الحدود حتى قاربوا الـ40 % من الأعداد السكانية تستهلك موارد هذا البلد مالياً وعينياً - بجهل وأنانية من بعض منا - تضاعف استنزاف الموارد والبنى التحتية. والطريق الآن لمنع تسرب المليارات إلى خارج دورة الاقتصاد أن نعود للاعتماد على تأهيل سواعد وعقول أبنائنا وبناتنا وبناء مهاراتهم. وعليهم أن ينظروا للوضع بمواطنة ونضج. لا تتحقق الأحلام بالصراخ فقط.
سياسياً؛ لوم أنفسنا أو الغير لا يحل مشكلتنا. لنتوقف عما اعتدناه من السماح للغير بتقرير مصيرنا عبر استمرارنا في الثقة المفرطة. قد لا نستطيع التحكم في ما يريده الآخرون لنا في الجوار أو عن بُعد, ولكننا نستطيع التوقف عن التفاعل الذي اعتدناه وتقبّلنا لهم كآباء أو حماة لن يتخلوا عنا لأننا أوفياء.. في السياسة ليس هناك صداقات أو عداوات دائمة؛ بل مصالح ذاتية. حين تخلّى الأوروبيون عن مستعمراتهم لم يخلفوا لشعوبها ما يبنون عليه. بل ربما لم يهمهم أن يدققوا في النتائج البعيدة للأوضاع الجديدة لهذه المناطق.
اجتماعياً؛ اهتراء قوّة قيمنا سلبنا مصدر تميُّزنا أمام المستجدات، وتآكل إلى تشوّه حوّلها إلى مصدر ضعف ينخر فينا، سمح برفض الآخر لنا وإقصائنا موصومين بالتوحش والتخلف وكراهية الغير. والضعف ليس في انعدام القوة العسكرية, بل انعدام قدرة بناء الاقتصاد واستدامة قوّته ذاتياً. وسيستمر الضعف إن استمر تعامينا, وسمحنا أن يبقى تعليمنا ضعيفاً في العلوم والرياضيات والابتكار، ومليئاً بعلوم تاريخية وسردية تشغل الذاكرة ولا تسمح بالإضافة أو التجديد.
علينا أن نحدد أين نريد أن نكون ونغيِّر الوجهة إليه .. بأنفسنا.
ولنبدأ بالخطوة الأهم للبدء: لنعدل أوضاع جهاز التعليم، ونرقى به إلى بناء قدرات النشء بالمهارات الفكرية والتحليلية والاستنتاجية وتعوُّد العمل اليدوي والتقني، وسيكون لدينا طاقاتنا الخاصة من المبتكرين.