إبراهيم الطاسان
الوقفة الأولى:
كان آباؤنا ونحن صغار يكلفونا ليلة عيد الأضحى بجلب أضاحي العيد التي كلفوا بها راعي الجماعة (الذي يرعى غنم أهل البلد بأجر إلى وقت معلوم) ليرعاها بأجر معلوم. فنقول إننا خائفون من كلب الراعي، يردون علينا، بأن كلب الراعي كلب نباح. فيذهب خوفنا لأننا نسمع منهم أن من يلجلج ويرفع صوته كالكلب النباح فقط، ينبح ولا يعض وإذا حملت عليه هرب لبيت أهله. وشبيه كلب الراعي علي خامنئي نبح حتى بح حلقه، وتبعته جراؤه بالنباح، كان يريد رفع لافتاته بعرفات الله، كما رفعها بعرفات أتباعه في كربلاء التي أسماها علي كرم الله وجهه بـ(كرب، وبلاء). نبحوا وعاثوا بالسيادة العراقية المزعومة التي تذرع بها وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري الذي خانته المعرفة الأعراف والتقاليد الدبلوماسية بكيفية التعامل الدبلوماسي مع الآخرين. فأعلن إعلامياً أنه طلب تغيير السفير السعودي السبهان. وبدون الرجوع لرئيسه رئيس الوزراء لأنه كما زعم الجعفري تدخل بالشئون الداخلية للعراق. لم نسمع للجعفري صوتاً أو صورة على أي من وسائل الإعلام المسموع والمرئي يعلن معارضته لهتك السيادة العراقية برفع الشعارات واللافتات المشينة المعبرة عن سقوط أخلاق حامليها، وهي ترفع داخل بغداد ضد دولة عربية جارة والعراق عربي حسب ما نعلم إلا إن كان للجعفري رأي آخر! هل بلغ بهم الخنوع هذا الحد للتسلط الفارسي؟ لا شك عندي في ذلك، وهو ما يمكن الاستنتاج منه أن الحشد الشعبي الفارسي الذي اعتبره السيد العبادي قوة رسمية ضمن قواته العراقية، ومع ذلك لم يستطع على الاعتراض على ما صدر من قيادي في الحشد الشعبي من إعلان صريح متمثلاً بكساء رداء الشرف الذي يزعمه لمن يقتل السفير السعودي. هذا الحشد الذي لم يعد يأتمر بأمر أي سلطة في العراق، وإن ظل المسئولون العراقيون أنفسهم بأنه تحت السلطة والسيطرة. فهم يوهمون ويضللون أنفسهم. الحشد الشعبي يأتمر بأمر الفرس من الإيرانيين، ولن يكتفي من العراق بالثلث المعطل، كما فعل حزب الضاحية الجنوبية بلبنان. بل سيؤهل لحكم العراق بالقوة في نهاية المطاف، بأمل أن يكون مع نظام بشار الجحش الهلال الفارسي حول الجزيرة العربية. وهي الهدف والغاية. ولكن الظروف الشعبية في العراق تختلف. فالنسبة العظمى من شيعة العراق عرب أقحاح ولن يسوءهم، بل يسعدهم أن تمد يد العون لهم وإخوانهم في الأنبار وغيرها من الجغرافيا العراقية، فإن لم تمد يد العون لهم، فالشر المستطر سيستفحل محاد لنا نحن في المملكة العربية السعودية من حدودنا مع العراق.
الوقفة الثانية: وحضور الشيطان
الاجتماع الروسي الأمريكي المنفرد حضره الشيطان وغاب عنه حسن النية الذي تمخض عنه اتفاق الهدنة دون إشراك أي من الدول المؤيدة للمعارضة السورية كالمملكة العربية السعودية أو تركيا. اتفاق خلط الصالح بالطالح بقصد وسوء نية. فرغم أن جبهة النصرة (جبهة فتح الشام) صنفت على أنها إرهابية، بسبب كونها تنتمي للفكر السلفي الجهادي، ربما وهي تنتمي لهذا الفكر الجهادي. ولكن الذي يفزع الغرب والشرق الصورة المغلوطة لمعنى السلفية التي لا يعرفون عنها إلا ما عرفهم بها من يماثلهم بالجهل بها.. أمثال ابن لادن والزرقاوي.. وغيرهما ممن فهموا السلفية فهماً خاطئاً فجسموا فهمهم لها بأفعالهم التي أنكرتها عليهم السلفية الصحيحة، التي لا تعني في معناها إلا السيرة على ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين. إلا أن المتابع لم يجد أن جبهة النصرة أعلنت مسئوليتها عن أي إرهاب أو نشاط مستنكر ضد أي جهة عدا أعداء المعارضة السورية -داعش- والنظام السوري، وداخل الحدود السورية فقط. بينما منظمات إرهابية موصوفة بالإرهاب كذراع الفرس في الضاحية الجنوبية، والحشد الشعبي الفارسي بالعراق، وعناصر الحرس الثوري الفارسي، ومليشيات مرتزقة جلبتها إيران الفارسية لسوريا تقاتل جنباً إلى جنب مع النظام. وإلى جانبهم روسيا بسلاحها الجوي. لم تصنف أو توصف بالإرهاب وهي داخل الأرض السورية أجنبية تقاتل مواطنين داخل وطنهم، ومن المعلوم لدى الأمريكان والروس الذين أبرموا الاتفاق أن التداخل بين الفصائل السورية المعارضة لا يمكن فصله، لذلك أرادوا بهذا الاتفاق أن تتقاتل فصائل المعارضة مع بعضها البعض واقتتالهم لا يخدم إلا النظام السوري وحلفاءه الروس والإيرانيين. ولا شك أنها مشكلة تُعْجز العصف الذهني عن إيجاد حلول لها، إلا أن تفوت جبهة النصرة الفرصة على الأمريكيين والروس والفرس معا بإعلانها التخلي عن السلفية الجهادية وتقبل الانضواء تحت الائتلاف الوطني السوري.
الوقفة الثالثة:
ثلاثة بغيابهم ينهار البنيان وهم رؤوس الفتنة. أولهم علي عبد الله صالح يملك الرجال بالمال، وثانيهم عبد الملك الحوثي يملك الرجال بأمل إلباسهم عمائم الإمامية، أبو علي الحاكم (عبدالله يحي الحاكم) القائد الميداني والعسكري للحوثيين. المال الحوثي يوشك أن ينفد لأن موارد الدولة توقفت، والبنك المركزي لم يعد قادراً على تلبية الطلب. وعلي عبد الله صالح سيفتدي نفسه بنصف ماله متى ما تمكن من التصرف به بإغراء الناس بالمال للوقوف بجانبه. ومتى ما قطع المال عن الناس انفض الجمع. والحوثي بيده السلاح والسلاح يحتاج لمن يعمل عليه، والرجال اليمنيون في حالة ترقب وانتظار. ولم يعد على السلاح إلا المرتزقة من الأفارقة واليمنيين المغرر بهم والموالون للحوثي الذين يمدهم صالح بما نقص من البنك المركزي. لأن الاثنين مهما اختلفا يدركان أن مصيرهم واحد. تحري غيابهم بالقضاء عليهم الثلاثة كرؤوس فتنة حري بالأولوية.. القضاء عليهم يقضي على أمل الفرس، وسيكون سم الهزيمة أشد عليهم من سم تجرعه المقبور الخميني..