عبده الأسمري
يحتاج ويتطلع ويأمل الإنسان ووفقاً لاتجاهات الحياة ومصاعبها وأتعابها وأحمالها وأثقالها إلى الرفاهية كحاجة أساسية واحتياج حياتي، وإذا أردنا تحليل مفهوم الرفاهية علميا وفلسفيا ومن عمق مكنوناته علينا أن نعلم أن الرفاهية تتشكل في اتجاهين: أولهما الرفاهية التي تصنع وتدار وتجهز وتهيأ من قبل الجهات المسؤولة سواء كانت حكومية تقدمها كواجب عليها بالمجان، أو رفاهية تستدعي الأجر والمقابل كتلك التي توفرها القطاعات الخاصة من خلال المواقع والمنشآت المختلفة، أما الاتجاه الآخر فهو الرفاهية المصنوعة من الإنسان وهي تتعلق بعدة عوامل نفسية واجتماعية وبيئة حياتية مناسبة، وهي الأقرب والأجدى حتى وان كانت صعبة حيث يقوم الإنسان أو الأسرة أو أي مجتمع بصناعة رفاهيته الخاصة في أي مكان حتى وان كانت بطرق متواضعة وأدوات بسيطة.
لذا كانت الرفاهية وستظل أسلوب حياة ومصدر سيكولوجي هام جداً للامتلاء بالطاقة الإيجابية، ومن أهم منطلقات السعادة ودوافع الإنجاز.
ولتشكيل الصورة وتوضيح المشهد بشكل أكثر تفصيلاً فإن الترفيه سلوك مبسط له تفاصيل متعددة، وهو أصل من أصول الرفاهية «المعنى الكبير في تفاصيله الواسع في مكوناته».
الرفاهية مفهوم مرن وجذاب وايجابي وواسع نجد الفرح عنوانه والسعادة تفصيلاته والانجاز نتاجه، لذا فإنه يسير في اتجاه معاكس أمام التشدد والانغلاق والحذر والحظر، وهنا أتحدث عن من يعادي الرفاهية ومن يئد الفرح ومن يعيش في حدود ضيقة من التفكير ومعلبة من التدبير، لذا فإن من أهم عوامل توفير الرفاهية وتشريعها والعيش تحت مظلتها إقصاء وإبعاد كل من يتربص بأي مشروع رفاهية أو يتحين الانقضاض على أي فكرة ترفيه، وهنا اقصد كل شخص معروف بصبغته المتطرفة وصيغته المتشددة في قوله وفعله وتعامله، إضافة إلى أهمية إعادة هيكلة الرفاهية لدينا من حيث المبدأ، فليس الترفيه مهرجانات متكررة رتيبة كل عام ومناسبات سنوية عقيمة تبدأ بالافتتاح الرسمي وتنتهي بالتكريم المبرمج. وليس الترفية حدائق يصطف أمامها باعة جائلون ويجول بداخلها «الروتين» وألعاب أكلها الصدأ، وإنما الرفاهية صناعة مؤسساتية تحتاج تخطيطاً وصياغة تخطيطية تستلزم الابتكار. لماذا لا يتم وضع أسس واستراتيجيات لمواقع سينما مهيأة ونموذجية للعائلات حتى لا يرغمون على السفر لمشاهدتها بالخارج وتوفير مواقع للشباب تهتم بأفكارهم وإبداعاتهم بعيداً عن إزهاق الأنفس بالتفحيط أو الانضمام لركب طائش؟. لماذا لا تنظم لهم مراسم عالمية وحلبات رياضات برية وجوية وبحرية؟.
نحتاج مكتبات بمعناها الحقيقي لا مكتبات عامة مقيدة بالمواعيد وتمتلئ بكتب القرن الماضي وطمست الأتربة عناوينها ومتاحف تربطنا بالتاريخ وتبرمج مقدراتنا ومكتسباتنا.
نتطلع إلى أندية لممارسة الرياضات العالمية مثل السيرك وسباق الخيول بعيداً عن المهرجانات الرتيبة.
نود أن نشاهد مواقع للاطفال تهتم بالمبتكرين والمبدعين منهم، وتشرف عليها مؤسسات متخصصة بعيدا عن وزارة التعليم التي تبحث وراء انجازاتها فقط.
نحتاج لأندية نسائية مغلقة تحفظ المرأة وتمارس فيها مواهبها بعيدا عن المتطفلين وصانعي الاتهامات، وأخرى شبابية تضبط الشباب وتعلمهم حرف المستقبل وتستثمر طاقاتهم.
نود ان نشاهد عملا حقيقيا.
نحتاج ان توضع ضوابط لمدن الترفيه جميعها بالبلد وان تكثف عليها الجولات وتوقع عليها الغرامات حتى نجد مدنا تصنع الترفيه لا مثل الموجودة والتي توزع البؤس.
نحتاج خططا تتعاون فيها الهيئة العامة للترفيه ووزارة المالية والشؤون البلدية والقروية ووزارة التخطيط والهيئة العامة للرياضة مع مستثمرين وشركات لها اسمها في هذا المجال حتى وان كانت عالمية حتى ننعم بالرفاهية معنى ومضمونا وتفصيلا؛ لانها حتما البيئة الخصبة لصناعة الانجاز ورسم دروب النجاح.