رجاء العتيبي
الحياة حتى تكون حيوية فإن مسيرتها عبارة عن حركة (هبوط ونزول)، تشبه إلى حد بعيد مؤشر الأسهم (قمة، قاع). وهذه الحركة هي التي تجدِّد الدماء والأفكار والناس, فإذا كانت السنوات الماضية قد وصل مؤشرها القمة كآخر نقطة له فإن الحياة الآن تسير باتجاه القاع، قبل أن تصعد مرة أخرى إلى القمة.
وتسمى في العرف الاقتصادي (الموجة)، موجة صاعدة أو موجة هابطة, وتمثل في نهايتها دورة اقتصادية لا بد منها, يعرفها من يتتبع سلوك الموجات؛ إذ أشار عدد من المتخصصين إلى هبوط سعر العقار في 2016م في نبوءات سجلها العام 2006م، مشيرين إلى عمر الدورة الاقتصادية بـ10 سنوات.
الموجة الاقتصادية يؤثر فيها عوامل عدة، منها: عوامل دولية, إقليمية, محلية, حروب, قرارات سياسية, اقتصادية, اتجاهات اجتماعية.. هذه كلها هي التي تحرك الموجات صعودًا وهبوطًا, وينشأ عنها (حراك اقتصادي)، يتراوح بين الربح والخسارة.
الذين يعرفون هذه السُّنة الكونية (الصعود والهبوط) يعرفون أن الحياة كلها فرص, وأن مقولة (ما ترك الأول للآخر شيئًا) مجرد خرافة، قالها شخص متشائم أو كسول أو بائس؛ لأن الموجات الصاعدة والهابطة هي التي تخلق الفرص، وتغيّر الأحوال, وبدونها تسير الحياة بوتيرة واحدة؛ تدعو للضجر.
رؤية السعودية 2030 والتحول الوطني والقرارات والتجديد هي بذاتها موجة اقتصادية هابطة، لكنها إيجابية؛ فهي في مرحلة (مخاض) ونفض الغبار, مرحلة تصحيحية, مرحلة تجديد الدماء والأفكار والعقول, لا تلبث أن تصعد فيأتي معها الخير. والذي يعرف متى يمسك موجة الصعود سيكسب خيرًا كثيرًا. بعضهم قال إنها في منتصف 2017, وبعضهم قال في بداية 2018, وبعضهم قال بعد سنتين.
بدلاً من (الحلطمة) والتذمر عليك أن تتفاعل مع مجتمعك، وأن تقرأ حراك رؤية السعودية 2030 قراءة اقتصادية, وتمسح من ذهنك أقوال المتشائمين وشائعات المرجفين, وتمسك الموجة من بدايتها؛ فتصعد معها باتجاه المستقبل.
الأسهم على سبيل المثال صعدت في 2006م حتى انفجرت في القمة، فهبط المؤشر، ثم عاود الصعود من خلال سلوك جديد وفكر جديد ولغة استثمارية مختلفة. والعقار صعد ابتداء من هذا التاريخ ووصل قمته في 2011, 2012, 2013، ثم بدأ في الهبوط (بهدوء) حتى وصل إلى مرحلة قابلة للاستثمار.
موجة شركات الليموزينات ارتفعت ثم هبطت, مكاتب الاستقدام موجتها ارتفعت ثم هبطت, والآن ترتفع موجة شركات الاستقدام. المدارس الأهلية الآن في حالة ارتفاع نتيجة للعوامل الدولية والمحلية ذاتها، والحروب والنفط والقرارات.
إذا كنتَ تؤمن بالموجات الاقتصادية المتتالية, وأن تسير وفق سُنة كونية (قمة، قاع)، فإنك سترى حراكنا الاجتماعي هذه الأيام فرصًا لا تحصى: اقتصادية, وفنية, ورياضية, وثقافية... إلخ. فقط أمسك الموجة من بدايتها (وستجيئك الفرصة لحد عندك)؛ فرؤية السعودية 2030 م تنقلك لعالم أفضل ووطن أجمل.