د. حسن بن فهد الهويمل
المؤتمر مؤامرة قذرة بكل الموازين، موجّهة ضد [المملكة العربية السعودية] التي كشفت سوْءات كثيرة، باعتدالها، ووسطيتها، وصفحها الجميل، وكسبها ثقة العالم، وتقديره.
وسلفيتُها لا تُنْمَى لعالِمٍ، ولا لمذهبٍ، لارتباطها المباشر بالكتاب، وصحيح السنّة، وما عليه سلف الأمة.
وإلصاق [الوهابية] بها كصفة مذهبية لتحجيمها دعوى داحضة. فالمصلح [محمد ابن عبدالوهاب] لم يتخذ مذهباً مستقلاً بهِ، وإنما هو مجدد، اقتفى أثر السلف.
وليست له عقيدةٌ خاصةٌ بهِ، وليس لهُ مذهبُ يخالفُ سلف الأمة. وهو يتعامل مع الملل، والنِّحل بمثل ما يتعامل معها الفقهاء الأربعة، والدليل على ذلك اعتماد كتب الأشاعرة، والمعتزلة كمصادر علمية معتبرة.
وقطاعات التعليم في المملكة استقدمت من [الأزهر] مَنْ هم على المذهب الأشعري، ومن لديهم تصوُّف غير[مؤدلج] للتدريس في الجامعات السعودية.
فيما تُقزم المؤتمرين انتماءاتُهم المذهبية الضيقة [المؤدلجة]، والمخالفة لما عليه سلف الأمة.
وكيف يعمد المؤتمرون إلى الانتقاء، والتحديد، والتهميش للمخالف!
ولِمْ لم يقبلوا مَنْ وسعهُ ما وسع القرون الخيرية الأُلى؟
وكيف يتأتى للمؤتمرين المتآمرين إتيان الإسلام من قواعده!
فالسلفية المستمدة من الكتاب، وصحيح السنّة تسبق كافة الملل، والنِّحل. فالقرون الثلاثة الأولى المشهود لها بالخيرية سابقة لعقائد المؤتمرين كافة. والصحابة لم يكونوا متصفين بشيءٍ مما عليه المؤتمرون
ومذهب [أهل السنّة والجماعة] يتسع للمعتدلين من تلك الطوائف، إذ لم يضق بـ[الأشعرية] ولا بـ[الماتريدية] ولا بـ[الزيدية] ولا بـ[الصوفية] المعتدلة، غير القبورية، وغير الخرافية.
لقد كنا نتوقع أن يبدي المؤتمرون استياءهم مما يجري على أرض العروبة، والإسلام من قتل وحشي، وتدمير همجي، تمارسه، أو تباركه دول ليست مسلمة، ويضطلع به مجوس روافض، يقتلون العرب: شيعة، وسنّة. وإن أرجؤوا قتل الشيعة العرب، لاستخدامهم رأس حربة في تصفية السنّة العرب.
يقول صاحب كتاب [بحار الأنوار] وهو من مراجع الشيعة:-
[ما بيننا وبين العرب إلا الذبح]
ويقول:- [إنّ المنتظر يسير في العرب بما في الجفر الأحمر] وهو قتلهم، ولم يستثن الشيعة العرب.
فكيف تقوم فعاليات المؤتمر على نفي السلفية، السابقة لكل الملل، والنِّحل!
وكيف يرضى المتآمرون التجمع تحت مظلة دولة تعتمد الفكر الماركسي الملحد، وتقتل الشعب السوري العربي المسلم!
قواصم المؤتمر، وبوادر فشله تتمثل في:-
أولًا: أنه عُقِد برعاية روسية، وهي بما تفعله في شعب عربي مسلم، تثير استياء العالم الإسلامي، واشمئزازه.
ثانيًا: يَقْدُم العلماء المشاركين صوفي، خرافي، قبوري، تستوي عنده الأنوار، والظلم:-
[وما انتفاع أخي الدنيا بناظره
إذا استوت عنده الأنوار والظُّلم]
ثالثًا: المؤتمر في توصياته لم يَدْعُ إلى الوفاق، ولم يطالب برفع الظلم عن المظلومين، بل عمد إلى التصنيف، والإقصاء، وشرعنة الاعتداء.
رابعًا: الرئيس المضيف يتعهد علناً، وبرعونةٍ، وهمجيه بقتل من أسماهم بـ [الوهابيين].
وهذا المصطلح لا يقره علماء الأمة، وإن اعتزوا بسلفية الدعوة الإصلاحية، واستقامتها كم أمرت.
خامسًا: التوصيات حَبَّرتْها [مؤسسة طابة] الصوفية الخرافية. والعالم الإسلامي أكبر من أن تقزمه [أيديولوجية] صوفية، تراوح بين الشطح، والخرافة، والقبورية، والرقص.
وبوادر المؤتمر تؤكد أن هناك أصابع خفية، ذكية، غير زكية تحرك الدُمى على مسرح العرائس، لتضييق الخناق على المملكة، وتنويع الضربات:
فَمِن دَعْمٍ للوجود [الإيراني] في العراق، والشام، واليمن. إلى قانون [جاستا]. إلى مؤتمر الضرار. وما تُخْفِي صدورهم أعظم.
سادساً: المؤتمرون المتآمرون:
إما مغفلون، يقولون ما قالت حَذام.
أو مصلحيون، يتاجرون بالقدرات في سوق النخاسة.
أو فقهاء سلاطين، ليس لهم من الأمر شيء.
والمملكة لم تُسْتَهدف عبثًا. إنها دولة محورية مؤثرة على كافة القرارات الدولية.
كما تمثل ثقلًا إسلاميًا، واقتصاديًا، وعسكريًا.
وحضورها، وتأثيرها في كافة المحافل الدولية، لا يقل عن تأثير الأعضاء الدائمين في هيئة الأمم. وفي الدول الثماني. وفي الدول العشرين.
ولأنّ أرضها تحتضن قبلة المسلمين، وتَشْرُفُ باحتضان الجسد الظاهر، فإن علماءها وسلفيتها قدوة العالم الإسلامي.
وأعداءُ الإسلام يتجرعون مرارة هذا التميز، وبودهم لو هُمشت المملكة، وسُلبت الزعامة.
المثير للدهشة، والتساؤل أن المشاركين المصريين من الوزن الثقيل، وتهافتهم على المؤتمر محاولة لتهميش جزء مهم من مكوّنهم السكاني.
وما دروا أنهم بمقترفهم هذا، يفقدون أضعاف ما يحققونه لتقوية المؤسسة السياسية على المؤسسة الدينية المحظورة.
وهذا شأنهم، لو فكروا بالنوايا الخفية، ولم ينعكس أثر حضورهم على دولة صديقة تحمل همَّهم، وتدعم أمنهم، وتقوي اقتصادهم.
نحن لا ننكر أن هناك من المنتسبين للسلفية من يجنحون إلى الانحراف، والتطرف، ولا ننكر انعكاس أثرهم السيئ على سمعة [أهل السنّة والجماعة] كافة،
ولو أنّ المؤتمرين اقتصروا في النفي على المتطرفين، لما كان في الأمر ما يدعو إلى التساؤل، والإنكار.
وعلى كل الأحوال فالزمن لا يحتمل مزيداً من تمزيق الممزق. والناصحُ لأُمته من يرى أنّ من يشهد [ ألَّا إله إلا الله ] و[ أنّ محمداً رسول الله] ويصلي صلاتنا، له ما لنا، وعليه ما علينا، وحسابهُ على الله.