سعد بن عبدالقادر القويعي
ثمة كلام جديد يُسمع في دوائر صنع القرار الأمريكي - قبل أيام -، عن استياء عدد متزايد من كبار قادة الكونغرس، والذي يسيطر الجمهوريون على غالبية مجلس الشيوخ فيه، يعربون عن استيائهم من مشاركتهم في تمرير قانون «جاستا»، دون التدبر في تبعاته، حيث عبّر أكثر من ثلاثين عضواً في مجلس الشيوخ الأمريكي في بيانات لهم عن تحفظهم على هذا القرار، معربين عن تخوفهم من عواقب محتملة لهذا القانون.
هذه المصارحات، هي التي فتحت بسرعة غير متوقعة باب حديث القادة الجمهوريين لمجلسي - الشيوخ والنواب -، عن إمكانية تعديل القانون؛ كونه يخرق أحد المبادئ الرئيسة للقانون الدولي؛ الأمر الذي أوضحه رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ - السناتور - بوب كروكر، أنه : «نادم على عدم بذل جهد لعرقلة تمرير جاستا «، كما أكد - رئيس مجلس النواب - بول ريان، أنه: «يسعى لمعالجة القانون؛ لتفادي أضراره المحتملة»، - ومثله - أقرّ زعيم الغالبية الجمهورية بمجلس الشيوخ - السناتور - ميتش مكونيل، بأن: «جاستا ستكون له مضاعفات غير مقصودة».
رد الفعل العكسي المحتمل ضد أمريكا، دفع بقادة الحزب الجمهوري نحو البحث عن تعديله؛ فبعد دول ألمانيا، وروسيا، وبريطانيا، وهولندا، وعدد من عواصم دول العالم الصديقة للسعودية، كالمغرب، والإمارات، والبحرين، وقطر، وتونس، والكويت، وغيرها، وإصدارهم بيانات شديدة اللهجة ضد السياسة الجديدة لأمريكا تجاه حليفها التقليدي، وإشهار ورقة محاربة الإرهاب في وجه المشرع الأمريكي؛ لدفعه إلى التراجع عن إصدار هذا القانون الذي يستهدف الرياض، انضم - الرئيس التركي - رجب طيب أردوغان - أخيراً - للزعماء المنددين بالقانون المذكور، قائلاً: «إنه يتوقّع أن يعدل الكونغرس عن قراره بأسرع وقت ممكن». وفي تقديري أن القانون جاء ضد ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي، باعتباره مخالفاً لأسس العلاقات الدولية، القائمة على مبادئ المساواة في السيادة، وحصانة الدول، والاحترام المتبادل، وعدم فرض القوانين الداخلية لأي دولة على دولة أخرى.
هناك من يسعى في اللوبي اليهودي برعونته باستماتة وراء حرق المراحل، واستعجال المواجهات الصفرية بين الدولتين. وعند الحديث عن إضافة شيءٍ من الحكمة، والهدوء، والعقلانية إلى تفكير المشرّعين الأمريكيين، فإن احتمالية مساءلة أمريكا قضائياً من قبل دول عديدة بدواعي الأضرار التي نجمت من سياساتها الإرهابية في دول عديدة من العالم بات مطلباً عادلاً، وهو ما حذَّر منه - مدير الاستخبارات الأمريكية -، من أن: «فتح الباب أمام محاولة كهذه، من شأنه أن يضر بالولايات المتحدة قبل غيرها؛ استناداً إلى مبدأ الرد بالمثل».
يقيني، أن الأمور ستسير نحو انفراج قادم، لا نحو مزيد من التأزم؛ كون صدور القانون يأتي في إطار المواءمات السياسية في موسم الانتخابات؛ باعتبار أن الديمقراطيين لا يودون خسارة أصوات في الانتخابات المقبلة، - وبالتالي - فإن المؤكد لدي، أن الأمريكيين شعروا بفداحة الخطأ الذي وقع فيه ممثلوهم في الكونجرس، وذلك بإقرارهم قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب».