رقية سليمان الهويريني
يتطلع المخلصون في بلدي لثورة فكرية يدفعها وعي مجتمعي وبصيرة نافذة، ونرجو أن يكون وقودها التعليم المعتمد على التفكير دون التلقين! ولا شك أنّ ذلك يتطلّب تضافر جهود الحكومة مع الشعب لفهم أبعاد معنى التعليم الذي يؤدي للتطور وليس لجمع الشهادات.
وكي يتم تنفيذ الخطة المرسومة لبلدي بناءً على الرؤية المستقبلية؛ فإنه ينبغي الانضواء تحت لواء الإصلاح بمعناه الشامل الذي يحارب كافة أنواع الفساد، ذلك الفساد الذي فاحت ريحته وصار ينخر في جسد الوطن، وضج الجميع وطالبوا باجتثاثه ومحاصرته.
ولا يمكن معالجة الفساد إلا بمشرط جراح مخلص وعمليات استئصال للأورام الفاسدة، وهو ما يتطلب الصبر والجَلَد وبعض الخسائر المؤقتة التي ستكون نتائجها مبهرة على المدى البعيد، وستتحقق العدالة بحصول كل شخص مجتهد على حقه.
إنّ ما تعاني منه بلادنا هو عدم تأصيل مفهوم العمل الذي يعني أجراً مقابل خدمة، وكثير من موظفي الحكومة لا يعملون بالصورة المطلوبة ليس بالحضور والانصراف فحسب، بل بالإنجاز ناهيك عن التحايل على النظام.
أذكر أنني كتبت سابقاً عن مفاسد (خارج الدوام) وأشرت إلى موظف يعمل بوظيفة أمين صندوق ويتقاضى بدلاً كبيراً، حيث يبقى في العمل بعد خروج الموظفين الساعة الثانية ظهراً، فيغلق الباب ويستلقي على مقعد وثير وينام حتى أذان العصر ثم ينصرف بعد أداء الصلاة دون دخول مراجع واحد، وقد تبرّم بعد تقاعده بسبب توقف البدل برغم استلامه كامل الراتب الأساسي! وقد طالبتُ بإعادة النظر في البدلات واعتبرت بعضها أحد أبواب الفساد من منظور وطني اقتصادي. ولازالت هناك قنوات للفساد تحتاج متابعة وعلاجاً، وأجزم أنّ الحكومة تسعى في سبيل اجتثاثها، للدخول في ركب الدول المتقدمة في مكافحة الفساد وتحقيق الشفافية، لاسيما أننا بلد إسلامي يعتمد دستوره على المساواة بين مواطنيه والتميز بالإنجاز والإنتاجية فقط.
وإن كانت الحكومة قد نجحت في توطين التقنية لخدمة المواطن مع السرعة والجودة وغلق صنابير الفساد في بعض الوزارات والهيئات؛ فإننا نتطلع لتحقيق ذلك في جميع المؤسسات الحكومية والأهلية لكي يحصل المواطن على الخدمة بمستوى عال يليق به!