إبراهيم بن سعد الماجد
تمرُّ الذكرى السادسة والثمانين ليومنا الوطني المجيد، وبلادنا تنتقل نقلة تنمويَّة وحضاريَّة تاريخيَّة، من خلال بدء تنفيذ محاور رؤية «السعودية 2030» التي تستهدف تطوير القدرات الاقتصاديَّة للوطن، وتحقيق مستويات مُتقدِّمة من التَّنوُّع والنُّمُوِّ الذي يُواكب تطلعاتنا في ظلِّ القيادة الرَّشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز «حفظه الله»، الذي وضع لبنة النماء والازدهار بما يتَّفق وطبيعة العصر الراهن.
في يوم الوطن والشُّموخ، نستشرف على يد سلمان العطاء وفكره، مرحلة جديدة تدخل من خلالها بلادنا من أوسع أبواب المستقبل، بعد أن فتحنا كثيراً من المسارات والعلاقات الدولية التي تدعم نُمُوَّ اقتصادنا الوطنيِّ وتنعكس خيراً ورفاهيَّةً على وطننا ومواطنيه، فتلك الرؤية حصيلة تجارب ورؤية بعيدة للأفق واتجاهات المستقبل، تهدف إلى منح الاقتصاد مناعةً وقوةً مُضاعفةً، من أجل أن يكون أكثر حيويَّة وقابليَّة للتطوُّر وتطوير الموارد البشريَّة والطبيعيَّة.
إن توجُّهات الدولة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تُعزِّزُ قدرات أبناء الوطن، وتنهض بطموحاتهم وتطلُّعاتهم بما يجعلهم أمام الازدهار والنُّمُوِّ والعمل الجادِّ والمُخلصِ من أجل تنمية أكثر شمولاً واستدامة، في جميع المناطق بتوازن كامل، وذلك يستوعب جميع القطاعات بحيث ترتفع مستويات الإنتاج فيها بما يُؤهِّلها لخدمة الاقتصاد الكليِّ الذي يحمل كل منجزات الوطن، ويضعها في الغد الزاهر بإذن الله لصالح الأجيال المقبلة.
إننا في الواقع في خضم مرحلة عملٍ وبناءٍ ضخمةٍ، يقودها المليك ووليُّ عهده الأمين، ووليُّ وليِّ عهده، وتتَّجه بالمسيرة إلى مزيدٍ من مراحل المجد والسُّؤدد الذي يليق بوطننا عبر التاريخ، لذلك فإن كُلَّ مواطن يواجه تحدِّيات البناء من أجل هذا الوطن، يداً بيد، مع القيادة لأنها مرحلة إنتاج لا يتأخَّر معها مواطنٌ، وإنما يُشمِّر عن سواعد الجدِّ والاجتهاد، فالرؤية تنتهي إلى نقطة جوهريَّة، وهي وطن طموح يمرُّ عبر سلسلة من البناء، تبدأ من تنويع الاقتصاد ودخول كل مواطن قادر على البذل والعطاء في منظومة العمل بتفانٍ وإخلاصٍ، والانتقال بحركتنا الإنتاجية إلى آفاق جديدة ومُبتكرة، نتطوَّر معها ويكتسب كُلُّ فردٍ من خلالها خبراتٍ مُتنوِّعة تُؤهِّله للنشاط بحيويَّة في سوق العمل، وفتح الفكر لاستقبال كُلِّ جديدٍ وتجريبه وتوظيفه والاستفادة منه، بما يخدم اقتصادنا وإثراءه بحصيلتنا الذاتيَّة، لأن الأمم العظيمة تُبنى بعقول أبنائها وسواعدهم، فيما تنقل تجارب الآخرين وتستفيد منها بالقدر الذي يتناسب مع خططها واستراتيجيَّاتها. في يوم الوطن، لا نكتفي بالتوقُّف عند مسيرة العطاء وملحمة الوفاء للآباء والأجداد، الذين بنوا هذا الوطن، وإنما نمضي بفكرنا وقدراتنا لما فيه امتداد لتلك المسيرة، فهم يمنحوننا الإلهام للعطاء، وبفضل الله وحوله وقوته تستمرُّ تلك المسيرة وتتأكَّد بتجديد العهود لقيادتنا بمواصلة العمل المُخلص والصَّادق من أجل تحقيق الأهداف السامية في تطوير قدرات الوطن والمجتمع، فلطالما ظلَّت كلمة السِّرِّ في البناء الوطني، هو ذلك الوفاء والحب العميق للمواطنين لقيادتهم والوقوف بجانبها، وهي تُخطِّط وتبني وتُنفِّذ المشاريع العملاقة، من أجل راحة ورفاهيَّة المواطنين، حتى بلغنا معدلاتٍ قياسيَّةً ومعياريَّةً في كثيرٍ من المجالات. ذكرى اليوم الوطني، تأكيدٌ لاتجاه الوطن نحو غاياته والوصول إلى طموحاته، وفي هذا العام نحن أمام رؤية تتَّسع لكل الخيارات الإيجابية والبنَّاءة، التي تُساعدنا في النَّهضة والتَّنمية بكل أشكالها، وفي عالم اليوم أصبح الصُّعود التنمويُّ يرتكز على الخُطط التي تتَّفق مع الإمكانات التي لدينا منها بحمد الله ما يُؤهِّلنا لأن نواصل صعودنا التنمويَّ، ونواجه التحديات الاقتصاديَّة بسلسلة من الحلول المُبتكرة والمُعالجات الحكيمة التي تجعل كل القطاعات الاقتصاديَّة ثابتة وراسخة بحيث تمضي في أنشطتها بتغطيةودعم من متانة اقتصادنا الوطني، الذي يُوفِّر لها الحماية والقوَّة التي تجعلها أقوى من أن يصيبها انهيارٌ أو انكماشٌ كما حدث في كثيرٍ من الاقتصاديَّات، ما يُثبِّت نجاح سياسات الدولة واستيعابها للمُتغيِّرات والمجريات من حولها. تلك الذكرى العزيزة على قلوبنا جميعاً، تمنحنا الثِّقة في أننا نعيش في وطنٍ ثابتٍ وعميقِ الجذور، نفخر به ويستحقُّ منَّا أن نعمل على بنائه وحمايته والذود عنه بكل قُوَّتنا. وفي هذه المرحلة التاريخيَّة من قيادة سلمان العطاء فإننا نستشعر مزيداً من الفخر والإنجاز، ونحن نعبر إلى برِّ الأمان في ظروف اقتصاديَّة وسياسيَّة دوليَّة عاصفة، استطعنا بفضل الله ثم بحكمة قائدنا وتوجيهاته السديدة أن نتجاوزها، لتستمر عملية البناء حتى يبقى وطننا شامخاً كالعهد به، منارة إنسانيَّة وحضاريَّة لكُلِّ العالم، فهو مملكة الإنسانيَّة التي يقصدها الملايين سنويَّاً، ويرون منجزات بلادنا التي تصل حد الإبهار في أوقات قياسيَّة. العهد أن نبقى سنداً لقائدنا خادم الحرمين الشريفين، حتى نواصل الملحمة الوطنية المُذهلة التي قدَّمت للإنسانية وطناً نموذجاً وقِبلة للمليارات، ومُلهماً لغيره من الشعوب في كتابة أجمل سجلَّات البناء الوطني التي يفخر بها كُلُّ مواطنٍ يُشارك في هذا الإنجاز العظيم، خلف قيادته الرَّشيدة، ويُبادلها الوفاء بالعمل والعهد الصادق، بأن يكون درعاً حامياً يذود عنه ويفديه بالغالي والنفيس، ويبذل لأجله خلاصة عطائه، فهكذا تبنى الأمم وتتقدَّم وتتطوَّر وتزدهر، فقد وضعنا للعالم والتاريخ تجربة إنسانية مثاليَّة تُشرِّفنا وتُناسب تطلُّعاتنا في الصعود بوطنٍ مُزدهرٍ وقادرٍ على صناعة أضخم سير العطاء من خلال معطيات الواقع، الذي يشهد تنفيذ مشاريع كبيرة ومُتعدِّدة في جميع مجالات خدمة المجتمع والقطاعات الاقتصادية في الصحة والتعليم والنقل والزراعة والتجارة والصناعة وغيرها، لتُحقِّق تنمية شاملة تنتظم جميع مناطقه، وأي موقع يحتضن مواطناً يجد الخدمة اللازمة والضروريَّة ليتمتَّع بدفء وطنه وعناية قيادته ورعايته لها، وهذا هو الوطن الذي نحتفي بيومه التاريخيِّ، ونفتخر به على مرِّ الأيام والأزمان.