سعد السعود
لا يمكن أن تتطور رياضتنا وتتفوق كرتنا ونحن نقصي المدربين أكثر من تغيير قمصان اللاعبين .. فلا يعقل أن نتفرّد بهذه السلبية على مستوى العالم .. فيكون رأس المدرب هو المهر المدفوع لأي إخفاق .. وتكون أوراق المدير الفني عند الفشل هي أول ما يمزق من أوراق.
_ أيعقل أن يُطاح برأس مدرب من أول جولتين كما حدث مع مدرب الخليج البلجيكي باتريك؟! كيف أمكن لإدارة الفريق الحكم على المدرب سريعاً؟!
_ أيعقل أن يقذف بفكر مدرب خارج أسوار النادي بعد أربع جولات فقط، والمفارقة أن إعلان الإقالة يتم والفريق منتصر في مباراته، كما حدث لمدرب الهلال ماتوساس بعد الفوز على القادسية؟!
_ أيعقل أن يتم طرد مدرب قبل أن يكمل شهره ولم يتبين بعد فكره كما حدث لمدرب الفتح ريكاردو، حيث تمت الإطاحة به بعد الجولة الرابعة من مباريات دوري جميل ؟!
_ بل إن الأخبار تتطاير وتحوم حول رقبتيْ مدرب التعاون ومدرب الأهلي .. فكلاهما على مرمى نيران النقد .. ويبدو أن مسيِّري الناديين بدأوا جدياً بالبحث عن البديل .
_ السؤال العريض : ماذا كانت تعمل إدارات الأندية طوال الصيف ؟ وماهية المعايير التي ارتكزت عليها باختيارها لأجهزتها الفنية؟ ألا يعني ذلك فشل الإدارة إنْ سلّمنا جدلاً بفشل المدرب .. أليس من الأولى أن يطال التغيير العين العمياء قبل أن نضع أصبعنا في العين العوراء؟
_ ومن المسؤول عن هذا الهدر المالي الذي يكبد ميزانيات الأندية جراء التعاقد المتعجل والإقالة السريعة ثم التعاقد مع البديل ؟! أي تخبط يحدث وأي استهلالك لمداخيل النادي بسبب سياسة إدارات الأندية الخاطئة ؟ وللأسف لا حسيب ولا رقيب.
_ ولا تسألوا عن مفردة التخطيط .. فكأني أراها في ركن مظلم وهي تشد شعرها من هول ما تشاهدها في كرتنا.. فلا تخطيط بعيد مدى ولا حتى قريبها .. فالكل لا يفكر أبعد من أرنبة أنفه .. ليستعجل النتائج قبل أوانها فيعاقب بحرمانها.
_ لماذا لا نستفيد من تجارب الدول المتقدمة كروياً ونطبقها في رياضتنا .. شاهدوا مثلاً ما فعله اتحاد ألمانيا لكي ينعم منتخبهم بالاستقرار والرؤية بعيدة المدى .. تخيلوا طوال 93 عاماً لم يدرب المنتخب سوى 10 مدربين .. والنتيجة إيجاد تاريخ مشرف وحاضر مبهر ومستقبل مبشّر .
_ فحسب موسوعة ويكيبيديا منذ عام 1923 وحتى اليوم تناوب على المنتخب المدربون التالية أسماؤهم في مدد زمنية طويلة كفلت لهم الاستقرار والعمل بهدوء وعدم تعجل النتائج، والمدربون هم:
_ أوتو نيرز : واستمر عمله بالمنتخب منذ 1923 وحتى 1936 .. أي طوال مدة 13 عاماً .. والنتيجة حقق المنتخب معه المركز الثالث لكأس العالم عام 1934م .
_ سيب هيربيرغ : وتولى قيادة المنتخب منذ عام 1936 وحتى العام 1964 .. أي أنه أمضى 28 عاماً مع المنتخب .. وحقق معهم بطولة كأس العالم عام 1954م .
_ هيلموت شون : واستمر عمله مع الألمان من عام 1964 ولغاية عام 1978 .. وحقق خلال مدة عمله التي استمرت 14 عاماً بطولة كأس أوروبا عام 1972 وبطولة كأس العالم 1974م.
_ بوب ديرفال : وحقق لمنتخب بلاده بطولة اليورو عام 1980 .. وذلك خلال فترة عمله الممتدة لست سنوات ما بين عامي 1978 و 1984 م .
_ فرانز بيكنباور : وأمضى هو الآخر ست سنوات على رأس الإدارة الفنية للمنتخب من عام 1984 ولغاية 1990 وكانت نتيجة ذلك وصيف كأس العالم عام 1986 وبطل العالم 1990 م .
_ بيرتي فوغتس : وتولى العمل خلفاً لبيكنباور ما بين عام 1990 وعام 1998 .. وخلال الأعوام الثمانية التي قضاها حقق من خلالها بطولة اليورو عام 1996 م.
_ ولم يحقق بعده أريك ريبيك إنجازاً يذكر ليتم الاستعانة برودي فولر : ليتولى بها شئون المنتخب لأربعة أعوام ما بين عامي 2000 و 2004 ويحقق وصافة كأس العالم عام 2002م.
_ ليأتي الدور على يورغن كلينسمان : لكنه لم يعمّر طويلاً مع المنتخب .. حيث عمل لعامين فقط من عام 2004 وحتى نهاية بطولة كأس العالم التي حقق ثالثها عام 2006 ليقدم ورقة استقالته وينتقل للعمل مدرباً للمنتخب الأمريكي.
_ ليصل بنا المطاف إلى المدرب الحالي يواخيم لوف : والذي أكمل عامه العاشر مع منتخب المانشافت حقق من خلاله بطولة كأس العالم عام 2014 م.
_ وبعد هذا الاستعراض الموجز والسريع .. أرأيتم كيف يمكن للصبر على المدربين من ثمار تقطف .. والأهم كيف للعين الخبيرة المنقبة عن المدرب المناسب من فضل على النادي أو المنتخب، إن أحسنت الاختيار في بقاء المدرب لسنوات وتقديم عمل يرضي المحبين والمتابعين .. بدلاً من رهن حظوظ الفريق وآماله بيد السماسرة أو حديثي الإدارة.
_ صورة مع التحية حاولت أن أقدمها لمسيِّري رياضتنا .. وأنا أعرج بالسطور السابقة على تجربة المنتخب الألماني لعل وعسى أنديتنا ومنتخباتنا تحذو حذوها .. حتى يتسنى للمدرب العمل براحة وطمأنينة بعيداً عن تحسس رقبته .. وانتظار سماع خبر أقالته.
آخر سطر
من السهل أن نتفادى مسؤولياتنا ، ولكن لن نستطيع أن نتفادى النتائج المترتبة على ذلك «لأحمد الأميري»