لقد بلغ بالمصطفى صلى الله عليه وسلم الكرب والضيق والضنك المدى بسبب أذى قريش له وتعذيبهم لاصحابه من قتل وتشريد، فكان أمامه عليه السلام طريقاً للهجرة إلى الحبشة ولكنه عدل عن هذا وندب أصحابه، وقال لهم لو خرجتم إلى الحبشة فإن فيها ملكاً لا يظلم عنده أحد حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه.
فهدف الهجرة إلى الحبشة إذن كان إيوأ لاصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لمدة محدودة حددها قول النبي عليه السلام حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه، ولهذا هاجر عدد من المسلمين منهم: جعفر بن أبي طالب وزوجته سمية بنت عميس، وعثمان بن عفان وزوجته رقيه، ورملة بنت أبي سفيان التي عرفت بأم حبيبه والتي انتهى أمرها أن أصبحت من أمهات المؤمنين وتولى النجاشي رضي الله عنه عقد تزويجها من المصطفى عليه الصلاة والسلام وأمهرها أربعة آلاف درهم، وأبو سلمة وزوجته أم سلمة، وقد بعثت قريش وفداً برئاسة عمر بن العاص ومعه الكثير من الهدايا إلى النجاشي ورجاله وتصدى لهم رجل الشهامة والشجاعة والبطولة الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه عندما وقف أمام ملك الحبشة النجاشي رضي الله عنهما وبين له الإسلام في كلمات وجيزة بليغة رتب فيها الأولويات عندما أوضح حال الناس قبل بعثه المصطفى صلى الله عليه وسلم وكيف كانوا بعد ذلك، وأوضح موقف قريش من الدعوة وصاحبها وأتباعه، حيث قال: كنا أهل جاهلية نأكل الميتة ونظلم الجار ونستحل الحرام ويعدو بعضنا على بعض فجاءنا نبي كريم فعلمنا الإيمان والتقوى والصبر والصلاح والاستقامة وإكرام الجار ونهانا عن عبادة الأصنام وأكل الحرام، فآمنا به وصدقناه فعدا علينا قومنا فآذونا فجئنا إليك واخترناك على من سواك ملتجئين إليك، وتلا عليه ما ورد في القرآن في سورة آل عمران وسورة مريم وسورة الأنبياء، عن زكريا ويحيى وعيسى وأمه مريم عليهم السلام وهم مقدسون عند النصارى، فأحسن عرض الرسالة وأحسن عرض المظلمة وأحسن عرض الاستجارة وانتقاء الآيات التي قرأها بين يديه فكانت النتيجة الطبيعية لهذا الإتقان الإعلامي أن الاستجابة عند النجاشي كانت بكاء ودموعاً وتأثر ثم قال: والله لا أسلمكم أبدا فهذا الدرس يتعين أن نتعلمه من سلفنا الصالح في شكل الحوار الناجح والأداء الموفق.
وقد أخذ المصطفى عليه الصلاة والسلام يعرض نفسه على وفود القبائل في الحج و منهم هاني بن قبيصه والمثنى بن الحارثة حيث قالا للنبي صلى الله عليه وسلم إلا ما تدعو يا أخ قريش: قال أدعو إلى شهادة أن لا إله الا الله وإني رسول الله، وإلا ما تدعو أيضاً فقرأ الوصايا العشر الواردة في سورة الأنعام قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} الانعام:151-153. وقالا أيضاً: وإلا ما تدعو؟ فقرأ عليهم ما جاء في سورة النحل من الدعوة إلى بلوغ القمة في سمو الاخلاق وعلو الهمة في التعامل مع الغير قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}90-91، فقالا: لقد دعوت إلى مكارم الاخلاق ومحاسن الفعال، وقد أفكت أمة كذبتك وقد أخذ عليه السلام يواصل عرض رسالته على شتى الوفود ومعه أبو بكر وعلي رضي الله عنهما حتى ألتقى بأهل يثرب فقبلوا دعوته وبايعوه على التأييد والنصرة وحمايته مما يحمون به أنفسهم وأعراضهم وأموالهم.
ومن هنا نستطيع أن نفرق بين أن نتخذ مكاناً نأوي إليه وهي الهجرة إلى الحبشة، وبين أن نتخذ مكاناً ننطلق منه وننشر الدعوة في مشارق الأرض ومغاربها وهي المدينة الأرض التي اختارها الله لتكون موطناً للإسلام والله أعلم حيث يجعل رسالته.
وعندما عقد عليه الصلاة والسلام العزم على الهجرة إلى المدينة رسم خطة بلغت المدى في الحنكة والحكمة والرشاد بل هي آية في حسن التدبير والنظام فعندما أذن الله جلا وعلا له بالهجرة توجه إلى بيت الصديق رضي الله عنه في الظهيرة وبشره بأن الله قد أذن له بالهجرة فقال أبو بكر الصحبة الصحبة فذرفت دموع أبو بكر من الفرح تعبيراً عن ذلك الحب؛ وتعبيراً عن تلك السعادة التي ملأت قلبه بالصورة العظيمة التي أخبرت عنها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بأنها لم تر أباها في مثل هذا السرور والبهجة في يوم من الأيام.
إن حب سيدنا أبي بكر للنبي علية الصلاة والسلام هو الذي جعله يسير أمامه تارة، ويسير خلفه تارة أخرى، وعن يمينه تارة وعن يساره تارة أخرى، وهو متجه إلى الغار؛ ذلك لأنه يريد أن يحمي النبي عليه الصلاة والسلام من أي خطر محتمل يأتي من أي جهة كانت. . وهذا الحب هو الذي جعله يتحسس الغار قبل دخول النبي علية الصلاة والسلام حتى يطمئن على عدم وجود شيء يعرض النبي علية الصلاة والسلام لأي أذى؛ لأن مثل هذه الأماكن تكون مأوى لكثير من العقارب والحيات.
وهذا الحب هو الذي جعل سيدنا أبا بكر رضي الله عنه يحزن ويرتجف خوفاً على النبي علية الصلاة والسلام حين وصل المشركون المطاردون إلى باب الغار، لدرجة أن أحداً منهم لو نظر تحت قدميه لرأى من يكون داخل الغار، وقد رأى النبي عليه الصلاة والسلام في صاحبه هذا الخوف عليه، فأزال عنه ذلك حين قال له (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) ما سجله القرآن الكريم في قوله تعالى: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا}، وليس صحيحاً أن عنكبوتاً نسجت بيتاً أو حمامة وضعت عشاً.
وكانت خطة الهجرة على النحو الآتي: حيث بلغ المصطفى عليه السلام القمة في اتخاذ الوسائل التي تحقق الوصول إلى الغاية، فاولاً: جعل وجهته إلى الجنوب الشرقي من مكة المكرمة وهي جهة لا يخطر في ذهن أحد أنه سيتوجه إليها، حيث إن الوجهة إلى المدينة الشمال.
ثانياً: اختار غاراً في جبل ثور وهو جبل شاهق في غاية الوعورة حيث تفطرت أقدام المصطفى عليه الصلاة والسلام من الصعود، يأتي بعد هذا أمر ثالث: وهو الحياة في الغار كيف نظمها النبي صلى الله عليه وسلم نجد أن الذين شاركوا في الهجرة كانوا عملياً مقسمين إلى عدة مجموعات.
هناك مجموعة تتكون من أسماء وعبد الله من ذرية أبي بكر الصديق رضي الله عنهم جميعاً، أسماء تحضر الطعام وعبد الله بن أبي بكر يمضي يومه يغشي مجالس قريش يسمع منهم دون أن يعلق على ما يقولون فإذا ما انتهى اليوم حمل حصيلة هذه الأنباء كلها إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، فكان الطعام مؤمناً وكذلك الانباء هي الأخرى كانت مؤمنة، وكان صلى الله عليه وسلم لم يكن منعزلاً هو في الغار عما يجري في مكة فهناك مجموعة ثانية تتكون من عامر بن فهيرة وعبد الله بن اريقط، عامر كان راعياً عند أبي بكر وكان عليه أن يمر بأغنامه على آثار أسماء وعبد الله بن أبي بكر فيأتي على هذه الآثار فلا يعلم أحداً أن أحدا سار في هذا الطريق، وفي الوقت نفسه يستطيع أن يمد بمن في الغار بما يحتاجون إليه من ألبان هذه الماشية، فإذا ما اتصل عامر بن فهيره بعبد الله بن أريقط وهو راعيا لا يختلف عنه لم يكن في هذا الاتصال ما يريد وعبد الله بن أريقط لم يكن على دين القوم لم يكن قد أسلم ولكنه كان محل ثقة أبو بكر وكان على صلة قوية بعامر وكان مسؤولاً عن الرواحل التي تفتح لهم الطريق إلى المدينة.
ملخص هذا أن الاتصال بمكة كان محدداً واضحاً وأن الطريق إلى المدينة أيضاً محددة وواضح وكان مسؤولا عنها عبد الله بن أريقط، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان عليه مسؤولية أخرى كانت عنده ودائع وكان يعرف بالصادق الأمين، يؤذية كفار قريش ويعذبون من معه ولكنهم لا يمكن أن يتطرق إليهم أي شك في أخلاقياته فمع كل هذا الإيذاء كانوا يضعون عنده ودائعهم، ومع أنهم تهددوه بالقتل إلا أن هذا لا يمكن بحال من الأحوال أن يتطرق وحاشى أن يتطرق إلى مكان الثقة التي تربط بين قلوب القوم وبين أخلاقيات النبي صلى الله عليه وسلم ومن هنا نجد مجموعة ثالثة، النبي صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب ابن عمه وأقرب الناس إليه والذي تربى في منزلة وصنعه على عينه إن موقف الفداء الذي كان من عليّ رضي الله عنه وهو في مقتبل العمر من شواهد الحب الصادق، الذي جعله يفتدي النبي عليه السلام بنفسه حين بات في فراشه ليلة هجرته غير عابئ بما يمكن أن يحدث له من كتيبة الاغتيال التي أحاطت بالمنزل في انتظار خروج النبي عليه الصلاة والسلام.. إن هذا السلوك العملي من سيدنا علي وهو في باكورة حياته يعد مثلاً أعلى من أمثلة الإيثار والتضحية التي أملاها الحب الصادق للنبي صلى الله عليه وسلم.
حيث يتصف عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه بالشجاعة والبسالة والإقدام، وقد بات في فراش النبي عليه الصلاة والسلام ليلة الهجرة، ولم يبال بما قد يحدث له من العصابة المتربصين بالباب، وكان في هذا يؤدي أكثر من مهمة: الأولى: التعمية على المشـركين، والثانية: لرد الأمانات إلى أهلها.
ومن هنا يستطيع أن يتركه في فراشة فإذا ما نظر القوم رأو إنسانا في فراش النبي عليه الصلاة والسلام فيمكن أن يعتقدوا أنه الرسول ثم بعد ذلك إذا ما أصبح الصبح نجد أن عليا يتعرض إلى هذا الخطر الكبير وأنه صرفهم عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن الممكن أن يؤذوه ومن الممكن أن يتعرضوا له بكثير من أنواع العنت؛ ولكن هذا كله كان من أجل هدف كبير أن يرد النبي عليه السلام إليهم ودائعهم، وهنا تبرز صورة جديدة في المجتمع المكي قوماً يطلبون رجلا ليقتلوه، ورجلا يترك ابن عمه ليرد إليهم ودائعهم، ولا ريب أن أكرم هذه الودائع أهمية أن يردهم إلى ربهم بأن يعلمهم اخلاقيات هذا الدين عملياً ليحملوا معه الأمانة من بعد وهو الذي بعثه الله رحمة للعالمين قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (107) سورة الأنبياء، وهو الذي يقول(إنما أنا رحمة مهداه ونعمة مسداه) والذي قال لملك الجبال حين أرسلة الله ليستاذن المصطفى عليه الصلاة والسلام في أن يطبق عليهم الأخشبين، لا فلعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله.
ومن هنا نجد جوانب من ذلك التخطيط العلمي الذي لم يدع شيئاً للصدفة والذي على الانسان أن يبذله ليستحق بعد هذا نصر الله وتأييده ونحن نعلم قول الله تبارك وتعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ} (214) سورة البقرة
الزلزلة تكون في العقيدة، البأساء تكون في الأموال، والضراء تكون في الأبدان، فهناك اختبار كامل للنواحي الاقتصادية والنواحي البدنية والنواحي الفكرية، فإذا ما بذل الانسان غاية جهده استحق بعد هذا نصر الله تبارك وتعالى: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (40) سورة التوبة
نعم إن الله معنا بعد أن بذلنا كل الجهد لعمل تخطيط في غاية الدقة والإحكام والأخذ بجميع الوسائل، لنجاح مهمتها في الوصول إلى دار الهجرة، بعد خططنا وبهذا كنا قريبين من نصر الله وتأييده هذا جانب من التخطيط العلمي في الهجرة.
وهناك أمر في غاية الأهمية فقريش قد جعلوا جائزة لمن يأتي بالمصطفى حيا أو ميتا هذه الجائزة مائة ناقة تمثل أكبر قدر يحلم به الإنسان من الأموال، ولهذا بذل سراقة بن مالك وهو فارس مغوار معروف قصارى جهده في نيل هذه الجائزة حيث أبصر الركب الكريم المصطفى عليه الصلاة والسلام وصاحبه أبو بكر فعندما اقترب منهم ساخت قوائم فرسة في الأرض، فبذل جهده لإخراجها ولحق بهم مرة ثانية فساخت قوائمه ثم لحق بهم وتكررت الحادثة وعرف أن في الأمر سرى فأمنهم ووعده النبي عليه الصلاة والسلام بأنه سيلبس سوار كسرى، ثم أمر آخر أن الركب الكريم مر ببيت من البادية وطلبوا منه تزويدهم بلبن فقالوا ما عندنا إلا شاة عجزت عن المشي مع الصحاح فمسح المصطفى عليه السلام ضرعها فدرت لبنا غزيراً شربوا منه كلهم وقالت لزوجها: مر بنا الرجل المبارك.
وتداعى أصحابه إلى ذلك الموطن الجديد وجاء من هاجر إلى الحبشة ليلحق بهم في المدينة، ومنهم الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب الذي جاء يوم فتح خيبر وسر النبي عليه السلام سروراً بالغاً وقال ما أدري أفرح بفتح خيبر أم بقدوم أخي جعفر بن أبي طالب وأخذه وقبل ما بين عينيه.
لقد نشأ الإسلام في هذه البيئة العربية قرآنا عربيا لم يكن خاضعاً لا لسيطرة الفرس ولا لسيطرة الروم وإنما في أرضاً تمتعت بالاستقلال والحرية من أقدم عصور حياتها قال تعالى:
{وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} سورة الشعراء (192) - (195)، أدعو الله سبحانه وتعالى أن يجعل أعمالنا جمعاً بين الإيمان والعلم مسيرتاً إلى مستقبلاً أرجو أن يكون اكثر ازدهاراً ونحن نقبل على عام هجري جديد 1438هـ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- أستاذ الدراسات العليا بالجامعات السعودية ومعاهدها العليا وعضو المجلس العلمي بجامعة الإمام وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر والخبير بالمجامع الفقهية رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة وجدة