إبراهيم عبدالله العمار
عندما تقرأ قائمة الطعام في بعض المطاعم، لاحظ مثل هذه العبارات: «قطعة طرية من اللحم». «بطاطا مقرمشة من الخارج ولينة من الداخل». «أرز بتتبيلة هندية خاصة».
ألا تلاحظ تلك الأوصاف الإضافية؟ قد تقول: ولماذا لا يكتفون بالوصف المجرد مثل «قطعة لحم» أو «بطاطا مقلية» أو «أرز» فقط؟ طبعاً تلك الأوصاف الإضافية تُحسِّن مظهر قائمة الطعام وتجعلها أكثر تميزاً من غيرها، وربما تضيف المزيد من المعلومات، لكن من أهم أسبابها أنها تجعل الطعام أشهى لك، حتى لو لم تدرك ذلك.
هذه من الطرق التي رأى العلماء أنها تؤثِّر على قراراتنا بلا شعور. هل تظن قراراتك كلها نابعة من التفكير والمنطقية؟ لا، بل العوامل الخفية لها دور ضخم. الدراسات أظهرت أن اللغة المنمّقة في قوائم الطعام مثل «البطاطا المهروسة المخملية» و»الخيار المقرمش» (الخيار أصلاً مقرمش!) و»الشمندر المشوي ببطء على طبقة من الجرجير» تغري الناس أكثر مما لو لم توضع تلك الأوصاف، وليس هذا فقط، بل هي تجعل الناس يصفون تلك الأطعمة أنها ألذ من نفس الطعام بدون تلك الأوصاف! إن وصف الطبق عامل مهم في مذاقه.
طريقة أخرى تتدخل فيها عوامل خفية: الشكل. الشكل يهم، كما أظهرت التجارب. الناس الذين أُعطوا وصفة طعام بخطٍ صعب القراءة قالوا إن الوصفة نفسها أصعب وأنهم قلّت رغبتهم في تجربتها. نفس الخط استُخدِمَ في شأنٍ آخر، هذه المرة برنامج رياضي يومي مقترح، وكانت النتيجة نفسها. يسمي أطباء النفس هذا تأثير البساطة fluency effect: إذا كانت هيئة المعلومات صعبة الفهم فإن هذا سيؤثِّر على نظرتنا لمحتوى المعلومات.
الناس يتخذون قرارات بناءً على عوامل لاوعيية وغير ذات علاقة، ومن أمثلة ذلك ما أظهرته هذه التجربة: عاين الناس أقمشة حريرية، كانت متشابهة تماماً إلا أن كلاً منها كان له رائحة مختلفة وضعها الباحثون، وأكثر الناس قالوا أن إحدى قطع القماش تلك أفضل من غيرها، وليست مصادفة أنها هي التي رش عليها الباحثون عطراً شهيراً رائجاً! لكن الناس لم ينتبهوا للرائحة، بل قالوا إنهم فقط اتخذوا القرار بناءً على فحص نوع القماش وطريقة النسج وملمس القماش ووزنه... إلخ. فقط 6 من 250 شخصاً لاحظوا أن القماش معطّر.
تذكَّر هذه إذا كنت في السوق لتشتري بعض الأغراض. طُرق العرض، الروائح، الألوان، الأنوار، أشياء كثيرة يمكن أن تؤثِّر على قرارات الشراء.