د. محمد عبدالله الخازم
للقوات العسكرية والأمنية بأفرعها كافة احترامها وتقديرها؛ لما تقدمه من تضحيات وخدمات في سبيل الحفاظ على أمن الوطن، وصونه من الأعداء خارجيًّا وداخليًّا. وعليه أحذر مقدمًا بأن موضوعي هنا ليس متعلقًا بأداء وتضحيات قواتنا الباسلة، بل بأداء قطاع خدمي، وإن ارتبط بالعسكرية، نكتب عنه مثل بقية القطاعات الصحية، ألا وهو الخدمات الطبية بالقوات المسلحة.
بكل أسف، ملاحظتنا على هذا القطاع تتمثل في أمرين: الأول: تضخمه الإداري المركزي وبيروقراطية عملياته الإدارية. والثاني: بسوء توزيع جودته. ولكن قبل ذلك أشير إلى أن البنية الإنشائية للمستشفيات العسكرية كانت ممتازة، إذا ما نظرنا لها في أكثر من منطقة، وإن كان بعضها يشيخ بسرعة عندما تضعف الصيانة، وتقودها الضغوطات إلى توسعات طارئة، أحيانًا تشوه المقر الأساسي، كما يحدث في مقر الرياض..
مستشفيات القوات المسلحة في مناطق عديدة ومتنوعة الحجم، موظفوها على مراتب عسكرية ومدنية؛ وبالتالي هناك خلطة في هوية الموارد البشرية، حتى أن المراجع العادي يشاهد العسكري والمدني، ويختلط الأمر، وخصوصًا كون أغلب المراجعين عسكريين. لا أدري هل هي خلطة ناجحة أم أنها تؤثر على الأداء؟ ما هي التراتبية العملية المستخدمة داخل المستشفى، هل هي العسكرية أم المهنية والإدارية الصحية؟ هل يفرض رئيس القسم لمهنيته الصحية أم لرتبته العسكرية؟ وأقترح في شكل سؤال: لماذا لا يتخلص العاملون في المستشفى العسكري من اللبس العسكري، كرمزية لتوحيد المرجعية المهنية الصحية وما له علاقة بالعملية الإدارية التنفيذية، طالما هم يؤدون مهام مدنية داخل المستشفى؟
هناك تضخم في الإدارة المركزية للخدمات الطبية بالقوات المسلحة، رغم فرضية استقلال كل مستشفى بميزانيته وإدارته التنـفـيذية. لقد تخلصت قطاعات أخرى من فكرة/ هيمنة الشؤون الصحية أو الإدارة المركزية، بينما وزارة الدفاع لديها إدارة للخدمات الطبية، تتضخم، وتمتلئ بالضباط من أطباء وفنيين، يؤدون أعمالاً إدارية بيروقراطية، تعيق سهولة اتخاذ القرار، بل أصبح لديها مقر - كدليل تضخم - لا يقل عن مقر أحد مستشفياتها بدلاً من أن يكون مجرد إدارة إشرافية عليا. أقترح استبدال الإدارة المركزية (إدارة الخدمات الطبية) بمجلس إدارة المستشفيات العسكرية، تتولى أمانته قضية التنسيق والإشراف العام في القضايا الاستراتيجية.
الجانب الآخر المتعلق بالمستشفيات العسكرية يتمثل في تفاوت مستوياتها من منطقة إلى أخرى. والنتيجة الحتمية هي الضغط الكبير على المستشفى الرئيس بالرياض. القطاع المدني يحتج بنقص المنشآت والكوادر البشرية في المناطق الطرفية، لكنها ليست حجة لدى القطاع العسكري؛ لتوافر المنشآت والقدرة على توفير الكادر (العسكري ليس له الخيار في أي منطقة يعمل ويمكن توجيهه للعمل بالأطراف)؛ فلماذا يكون نصف مرضى عسكري الرياض محوَّلين من مستشفيات المناطق؟
يبدو أن المستشفيات العسكرية بحاجة إلى خطة تحوُّل اقتصادية إدارية..