د. خيرية السقاف
الأول من المحرم الجديد..
لكن الأيام تمضي لا يعلو صوتها, لا تتغير نبرتها, لا يتبدّل وجهها..
في صمتِ قداسةٍ مهيبةٍ لعظمة الخالق في تكوينها: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (يونس 5)
أمر الله تعالى, حكمته في الخلق, ..
لكن الذين يعلمون يحثّهم على المعرفة بما علّمهم, وبما هداهم إليه..
الناس تتكلم كثيراً, ترفع صوتها, تتلاعب في نبراتها, تزين وجوهها , بل تجري العمليات فتغير ما يبدِّل ملامحها..!!
والشمس, والقمر يمضيان في سيرورة انسيابية لكنها فاعلة في كل ثانية زمن,
يأتي أقوام على الأرض, ويذهب أقوام, ولو بقي الذي كان لفسدت,!!
فالأرض في ثراها تلمُّ, ومن نسيج الأجساد كلها تتشكّل جدّتها, وتماسكها, ومقدرتها على طول القرون, وتعاقب الزمن, مع حركة الشمس والقمر, وتراكم السنين منه بالأيام..
الإنسان ليس له فوقها إلا عدة من زمن , بتعاقب حركة الشمس والقمر من فوقه, ستون عاماً وأكثر, أو أقل, ومن ثم يمضي مغادراً لجوف الثرى ليكون جزءاً من نسيجها, حتى يشاء الله..
اليوم هذا بنا, في حساب الأيام هو الأول, من الشهور المحرّم, من السنين رقماُ واحداُ جديداُ يضاف لما سبقه في تاريخ هجرة نبي الهدى من مسقط رأسه مكة المقدسة, إلى دار العلم والإيمان, ورسالة السماء حيث أسس للرسالة, وأقرّ المنهج, يثرب الوديعة الآمنة,..
لنصبح اليوم في 1438, وبالأمس كنا فيما قبله بعام..,!
نقلة كبيرة بثواني الساعة من بدء 1437 إلى آخر ثانية في «تكة» ساعته «ذلك» العام الذي انطوى لماض لا تزال في سمعنا وقع قدميه..!!
الناس تتكلم كثيراً, تتغير كثيراً, تتبدل كثيراً, تعرف بعضها ولا تعرف, تسمع بعضها ولا تسمع, تشم رغيف مخابزها ولا تشم, يصلها أنين بائس ولا يصلها, تشعر بحرقة مكتوٍ بنار ولا تشعر, تعي مداخل ومخارج سراديب الثعالب, والخفافيش ولا تعي, ترى مواطن النّحل ولا ترى, تدرك مكوّنات مناجم العقول, وضمائر المتحركين, والنائمين, والساهرين, والسادرين, والجادين, والساخرين, والمتزلّفين, والصادقين, والضاحكين, والباكين ولا تدرك, تعيش في المدن, وفي القرى, على الشواطئ, وفي العشوائيات ولا تعيش, تلمس أقدامها طرق الأحراش, والمروج, والغابات, والصحراء, والسفوح, والقمم, والسراديب, والجادة ولا تلمس, ..
تحفر المقابر, تبهج للميلاد, تخاف الحرب, تحزن للظلم, تحنق للحق, تبذل للحياة, تسفه التطهر, تفعل لا تفعل ..!!
والسنون تقفز رقماً تلو رقم, تتفاقم الساعات, الأشهر, السنون, العقود ..فالقرون..
ولا يلحق بها الإنسان..!
تمضي به, لا يمتعه شيء, لا يرضيه شيء, لا يكتمل له شيء,
ثم يترك الرقم حيث يقف به ويذهب , ومع الرقم زاده, وكساؤه, ولقمته, وقرشه..
* * *
وكما تبدأ الثانية في دقيقة الوقت دون أن يشعر, تبدأ السنة الجديدة اليوم دون أن يشاء..!
فليس للإنسان إلا أن يقرّ بها, بينما ليس له في أمرها أيّ أمر..!!
* * *
هي لكم بكل خير..
ورضا, وأمان, وطيب عيش... إن شاء الله.