د.ثريا العريض
فاجأ مذيع السي أن أن الرئيس أوباما بسؤاله عن مشاعره تجاه تصويت الكونجرس برفض الفيتو الرئاسي لمقترح جاستا « قانون العدالة ضد الدول الداعمة للإرهاب».. ورد أوباما بأنه فعلاً فوجئ بإسقاط الفيتو.. ووضح أن قراره باستخدام الفيتو الرئاسي لم يكن دفاعاً عن السعودية, ولا استهانة بمشاعر أهالي ضحايا تفجير الأبراج في 11 سبتمبر قبل 15 عاماً, بل لأن ذلك يفتح الأبواب أمام احتمال المعاملة بالمثل, وسنّ مثل هذا القانون في الدول الأخرى التي للولايات المتحدة حضور فيها.. وأن ذلك سيعرض المسؤولين الأمريكيين العاملين هناك للمساءلة والمقاضاة. وهذا صحيح بدءاً باليابان ومروراً بفيتنام وأفغانستان ودول الربيع العربي.
نحن هنا نعلم أن الحكومة السعودية لم تخطط للتفجيرات ولا دعمت من خطط لها ومن نفذها. ولكن المواطن الأمريكي بعد 15 عاماً من تكرار تهمة الأسطوانة المشروخة «أن السعودية مسؤولة عما حدث لأن 15 سعودياً كانوا ضمن الـ19 الذين نفذوا عملية التفجير وقتل أكثر من 3000 شخصاً أبرياء». والنواب تهمهم مرضاة من انتخبهم أولاً وأخيراً وليس التدقيق في صحة التهمة.
شخصياً يتزايد اقتناعي أن العملية كلها كانت وقتها قبل 15 عاماً مدبرة من جهة مجهولة واضحة الاستفادة من تجريم السعودية.. ولماذا السعودية بالذات؟ فلأنها أولاً رمز للعرب والمسلمين، وثانياً لأنها أكبر مصدر للنفط الذي يتحكم في مصير الصناعة والنقل في الدول الصناعية عالمياً, وثالثاً لأن المخطط يقتضي مواصلة القضاء على القوى العربية في المنطقة بعد التخلص من أي تعاطف مع العرب والمسلمين عبر نزع صفة الإنسانية عنهم.
بعض من صوتوا ضد الفيتو قالوا بأنهم لم يقرأوا التفاصيل, وبثت بعدها رسالة تحمل تواقيع 28 من الأعضاء يبدون رغبتهم في إعادة النظر.
يبقى السؤال: لماذا طرح مقترح هذا القانون في هذا الوقت بالذات؟ بعد ضرب أسعار النفط التقليدي ببث كميات هائلة من النفط الصخري الأمريكي في سوق المستهلكين؟ وبعد التقارب مع إيران ورفع الحظر والعقوبات عنها والتفاهم حول السماح ببرنامجها النووي؟.. وبعد تصاعد التدمير في سوريا وتنمر داعش وحرب اليمن؟.
لدى المملكة في أمريكا صكوك تصل قيمتها إلى 350 مليار دولار يطمع أصحاب المقترح في تجميدها وهو بيت القصيد.. لكأن من خطط اقتنع أن الوقت قد حان لضرب المملكة السعودية بضربة قاضية موجهة لاقتصادها ونحن نحارب على جبهات عدة. ولم يتوقع أن الدول الأخرى سترى في القانون خروجاً عن بروتوكول العلاقات الدولية وتهديداً لحرمة الدول كلها.
كما قال أوباما ورؤساء أوروبا القرار خطوة مخطئة, والخطأ الكبير ستدفع ثمنه الولايات المتحدة, إن لم يتوصلوا إلى اتفاق يوقف الأمور عند حدها.
حتى وقت كتابة هذا المقال لا أعرف ماذا حدث بعد ذلك.
بعض العلاقات مشبوهة ولا يعتمد عليها بالتأكيد.
من ناحية متفائلة أتوقع أن توصل وزراء الطاقة في منظمة الأوبك إلى اتفاق يحل مشكلة انحدار سعر النفط.. ولو تحققت الإشارات إلى التوصل لاتفاق تعطى فيه الأولوية لبيع النفط السعودي إلى المستهلك الأول وهو الصين وبالعملة المحلية مباشرة أي الريال واليوان دون استخدام الدولار الأمريكي, فإن الخاسر في النهاية سيكون أمريكا وليس السعودية.
حمى الله وطننا واقتصادنا من شر المترصدين.