مها محمد الشريف
تكشف لنا الأحداث الراهنة تاريخ العنف النابع من الكائن البشري، حيث يمثل في مجمله قلقًا دفينًا في الأعماق، كمن يعيش في ظلام حالك يريد قراءة رموز مشفرة للزمان والمكان إبان عصر انحلت قواه العقلية وتجاوز العنف فيه الطبيعة البشرية؛ فالإنسان هو من شيّد أسس الحضارة وهو من يهدمها بكل ما يكتنزه شخصه من خير وشر وعنف وقسوة ولين، وبالمقابل ليس بمقدور أي حضارة كبح شهوات العنف في جوهر هذا الإنسان أو القضاء عليه، لا سيما إذا كان الانتقال مفاجئًا من حالة طبيعية إلى أخرى سياسية واقتصادية واجتماعية متقلبة فهي حتمًا ستقوده إلى علاقة ملتبسة وفصل تام عن الواقع الطبيعي.
كان «إدغار الآن بو» كاتب الرعب الأشهر على الإطلاق، المعروف بكتاباته السوداوية، وعوالمه الرهيبة، شغوفًا للغاية في إظهار الشخصيات المُضطربة نفسيًا التي تُعاني من جنون مُطبق مخيف، فهل كان هو نفسه مجنونًا، وانعكست شخصيته على كتاباته؟!
لا نستطيع الحكم عليه إلا من خلال كتاباته ونشاطه الثقافي الممتليء بالتساؤلات. فقد كانت كل الوقائع تقول نعم، لقد عانى من اضطرابات نفسية عنيفة لها تأثير سلبي على حياته وانفعالاته تبيح انتهاك القانون وتنفى تشريعه كما هو الحال لبعض الدول العظمى التي تهدد المصالح الحيوية مثل أمريكا.
إذ منح قانون «جاستا» المواطن الأمريكي حق تقديم دعوى ضد أي دولة أجنبية، لا سيما أن جميع دول العالم ستخطو على هذا الطريق وستطبق هذا القانون وأول المطالبين الشعب الفلسطيني والأفغاني والسوري والعراقي بعد أن نهبت ثرواتهم وأراضيهم من أمريكا وتحت مظلتها عندما سلمت فلسطين لليهود والعراق لإيران وسوريا لداعش وبشار.
ولذا تظل المسائل الدولية والمطالبات الشرعية كحقوق للمواطن الأمريكي. إذا يحق لأي مواطن في العالم إقامة الدعوى ضد أي دولة أجنبية انتهكت حقوقه واستعمرت أرضه وشردت الملايين منهم، ويتم ذلك بإجماع دولي.
وهذه إحدى مواد القانون «جاستا» ولن تكون هناك دولة أجنبية محصنة أمام السلطات القضائية الأمريكية في أي قضية يتم فيها المطالبة بتعويضات مالية من دولة أجنبية نظير إصابات مادية تلحق بأفراد أو ممتلكات أو نتيجة لحالات وفاة تحدث داخل أمريكا وتنجم عن فعل إرهابي أو عمليات تقصيرية أو أفعال تصدر من الدول الأجنبية أو من أي مسؤول أو موظف أو وكيل بتلك الدولة أثناء فترة توليه منصبه بغض النظر إذا كانت العمليات الإرهابية تمت أم لا؟
لا نريد إلا تطبيق هذه الفقرة تحت مظلة قضائية دولية، ومعرفة الدول الأجنبية الداعمة للإرهاب - الإرهاب الذي كافحته المملكة أعوامًا عديدة وخسرت الكثير من الجهد والمال والأرواح من جرائه - ولكن هو الخذلان من الجانب الأمريكي لجهود السلام، إِذ قدمت المملكة دورًا كبيرًا وواضحًا لا يخفى على العالم للقضاء على الإرهاب.