د. فاطمة العتيبي
غابت الحكمة عن الكونغرس الأمريكي وهو يقف ضد فيتو أوباما في سابقة لم تتكرر منذ عام 1983م, وأعمى الطمع أعضاء مجلس الشيوخ، فوقفوا كذلك ضد نقض الرئيس لقانون وصفه متعقِّلو الساسة الأمريكيون بأنه قانون أحمق، يسمح لأُسر المتضررين من أحداث الحادي عشر من أيلول الأسود (سبتمبر) الشهيرة، بمقاضاة الدول التي خرج منها إرهابيون وحقّ المطالبة بتعويضات مالية باهظة.
إنسانياً لا مشاحاة في التعاطف مع أُسر الضحايا، لكن الدول ليست مسؤولة عما يقوم به بعض مواطنيها خارج أراضيها فلم لم تحمِ أمريكا مجالها الجوي من مجموعة إرهابيين كانوا يعيشون على أرضها؟.
كما أنّ التحقيقات برّأت ساحة الحكومة السعودية من أي شبهة ارتباط بهذه الهجمات، فهل يطعن الكونغرس بسلامة التقارير الاستخباراتية والأمنية الأمريكية؟.
ثم لماذا تغضّ أمريكا النظر عن فلول القاعدة وانتقالهم من أفغانستان واستقرارهم في إيران، وأبرز قياداتها الظواهري وسعد بن لادن لايزالان في إيران تحت حماية خامنئي الإرهابي الأعظم، الذي استقبلهم مقابل إشعال الفتن في اليمن ودعم الحوثيين.
حذّرت قبل أشهر من سياسة ابتزاز تنفّذ بهدوء في الكونغرس مع بدايات الحديث عن الوهابية الذي دار بين أعضاء هذا اللوبي الذي يحكم أمريكا فعلياً، وهاهي وتيرة الشراهة والابتزاز تتصاعد مع تصريحات ترامب في المناظرة الأخيرة. لذا تبقى الحكمة هي الأمل في إنقاذ السلام العالمي.
يعلم العقلاء أنّ السيدة أمريكا لو تأبطت يد ترامب وسارا معاً، فإنها حتماً تتجه إلى الهاوية، لذا جاءت مطالبة السعودية لأمريكا بالتحلي بالحكمة في وقتها تماماً ولامست جرح ملايين المواطنين الأمريكيين الذين يدركون حجم الكارثة من انهيار العلاقات مع السعودية، وغيرها من الدول التي يطعن هذا القانون في سيادتها وحصانتها.
السعودية لديها المكانة الاستراتيجية في العالم والبدلاء جاهزون حتى وإن خسرت قليلاً، لكن خسارتها لا تقارن مطلقاً بخسارة أمريكا.
الرهان اليوم على عقلاء أمريكا الذين تحركوا فعلاً لتفنيد هذا القانون، وأهم ما قيل هو ما نشر في النيويورك تايمز الذي أوضح دور السعودية العالمي في محاربة الإرهاب، وما يمكن أن يحدث من جراء امتناعها عن إكمال هذا الدور، فيما لو مضت أمريكا بإنفاذ هذا القانون.