د. عبدالواحد الحميد
ضمن ريادات دبي المتواصلة، ستُقام بتاريخ 5 إلى 7 من شهر ديسمبر القادم الدورة الثالثة لـ»قمة المعرفة 2016» وهي فعالية رائعة مدعومة من حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وتقام تحت شعار «المعرفة: الحاضر والمستقبل». وتمهيداً لذلك، تم إطلاق «مؤشر القراءة» بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وطبقاً للمبادرة فإن «مؤشر القراءة» يرمي إلى تحقيق أهداف عديدة، منها «قياس الوضع العربي على خارطة القراءة ومستويات التنمية الثقافية في المنطقة».
ويُفْهَم مما نشرته بعض الصحف الإماراتية والعربية على لسان المسؤولين عن المبادرة أن المأمول هو أن تزيل النتائج التي سوف يقود إليها «مؤشر القراءة» ما يُعتَقَد أنه نتائج مغلوطة عن معدل القراءة السنوي لدى الإنسان العربي حيث يتم تداول معلومات وأرقام ربما تكون غير دقيقة ومنها أن العربي لا يقرأ في العام سوى نصف صفحة! ومن أجل ذلك سوف يتم إجراء دراسات نظرية مكتبية وأخرى ميدانية عملية في بعض الدول العربية وفق الأساليب والمناهج العلمية المتبعة في العمليات الإحصائية لمعرفة الواقع الحقيقي للقراءة لدى المواطنين العرب.
هذه المبادرة الإماراتية الجديدة تحسب لإمارة دبي التي ما فتئت تبهر الجميع بمبادراتها المتتابعة في شتى مجالات التنمية والتجارة والثقافة والسياحة، وسوف تسجل لها موقعاً متميزاً في المجال الثقافي على المستوى العربي. ومع ذلك نقول: إن القياس الكمي للقراءة لم يعد مؤشراً دقيقاً لمستوى الوعي لدى من يقرأ. وقد كان الانطباع السائد سابقاً أن ثقافة الفرد تقاس بعدد ما يقرأ من الكتب لأن من يستطيعون القراءة والكتابة في عالمنا العربي الذي تسوده الأمية كانوا قلة من الناس. أما اليوم، ومع انتشار التعليم، فإن المسألة لم تعد هي كم عدد الكتب التي يقرأها المواطن العربي وإنما ما نوعية الكتب التي يقرأها هذا المواطن؟
فمع التقدير لهذه المبادرة الإماراتية الحضارية المهمة التي ربما تجعلنا أقل اعتماداً على الإحصائيات التي تأتينا من الغرب والشرق، ومع الإدراك بأن هدف هذا المؤشر ليس هو تحسين صورة قاتمة عن أوضاع القراءة في العالم العربي وإنما جلاء الحقيقة، فإن الفائدة الحقيقية منه ستكون مضاعفة إذا عرفنا نوعية الكتب التي يقرأها الإنسان العربي.
هناك كتب تكرس الجهل والعنصرية والتقاليد المضادة للتقدم والتنمية، وكتب أخرى أيضا تلمع بعض أشكال الثقافة الاستهلاكية المستوردة من فتات موائد العفن الفكري في بعض البلدان، وهي كلها ضارة.
المشروع الأماراتي طموح، ويستحق التقدير، ومن المؤكد أنه وضع كل هذه الاعتبارات في الحسبان، ونحن بانتظار نتائج «مؤشر القراءة» عندما يتم إعلانها كي نعرف أين نحن بين أمم الأرض.