خرج إلينا التعديل الجديد للحسابات الراكدة وغير المطالب بها، الصادر من مؤسسة النقد العربي السعودي، وهذا التعديل كان تماشياً مع نظام الهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين ومن في حكمهم، حيث اشتمل التعديل الجديد على جانبين؛ الأول إيجابي والآخر سلبي.
فالجانب الإيجابي احتوى على منح صلاحيات لجهات أخرى وأيضاً تعديلات غفلت عنها المؤسسة في إصدارها السابق لقواعد فتح الحسابات البنكية والقواعد العامة لتشغيلها في البنوك التجارية بالمملكة في عام 2012، فالتعديل الجديد منح الهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين ومن في حكمهم صلاحية استلام وإدارة الحسابات التي تعذر الوصول إلى أصاحبها بعد انقضاء الفترة اللازمة، وهي خمس عشرة سنة من تاريخ آخر عملية بنكية أجرها العميل أو من ينوب عنه.
ومن إيجابيات التعديل الجديد على سبيل المثال، غفلت المؤسسة في الإصدار السابق عام 2012 بحيث أوكلت مؤسسة النقد للبنوك مهمة إعداد السياسات الخاصة بالتواصل مع أصحاب الحسابات الراكدة دون شرط أو قيد مما جعل البنك مُشرعاً وطرفاً تعاقدياً، لذا تفادت المؤسسة هذا الأمر في تعديلها الحالي بإلزام البنوك على التواصل مع عملائها من خلال رسائل الجوال والبريد الإلكتروني والاتصال الهاتفي وعن طريق البريد والزيارات الميدانية للعملاء مرتين في كل مرحلة كحد أدني وأن يتضمن كشف الحساب المُرسل للعميل حالة الحساب والتواصل مع مراكز المعلومات الرسمية للحصول على عنوان أو أرقام للعميل صاحب الحساب.
ومن الإيجابيات أيضاً وهو جانب نشر التوعية عن طريق إلزام البنوك بتوعية عملائها حول ضرورة البقاء على تواصل مع البنك ذي العلاقة.
ولكن بالمقابل التعديل الجديد لقواعد الحسابات الراكدة وغير المطالب بها لم يُعدّل بل أكد على أن التقرير السنوي الخاص بهذه الفئة من الحسابات والمُرسل من البنك إلى مؤسسة النقد على ألا يتضمن أي معلومات شخصية لأصحاب هذه الحسابات كأسماء أصحاب الحسابات أو أرقام هوياتهم الوطنية بل اكتفى فقط بأرقام الحسابات وطبيعتها.
ولن يُساهم هذا الأمر في العثور على أصحاب الحسابات الراكدة أو غير المطالب بها، فعلى سبيل المثال، لو كان لدى مؤسسة النقد قائمة بأسماء أصحاب الحسابات الراكدة أو غير المطالب بها وأرقام هوياتهم الوطنية لقامت بتبادل المعلومات مع البنوك الأخرى كإجراء يُساهم في العثور على أصحابها لاحتمالية وجود حسابات بنكية نشطة في بنوك أخرى لهذه الفئة من العملاء بدلاً من بقائها خمس عشرة سنة تحت إدارة البنك ذي العلاقة وقبل أن تكون تحت سلطة وإدارة الهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين.
أيضاً التعديل الجديد لقواعد الحسابات الراكدة وغير المطالب بها لم يتطرق إلى استخدام الصحف والجرائد كوسيلة لنشر أسماء أصحاب هذه الحسابات كمحاولة للعثور على أصحاب هذه الأموال وإعادتها لهم؛ لذا يبدو أن قانون السرية المصرفية يقف حاجزاً ومانعاً لتحقق هذا الأمر، رغم أن الكثير من الدول المتقدمة بالمجال المصرفي وضعت حداً لقانون السرية المصرفية كالولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا وسويسرا التي ذاع صيتها بسبب سريتها المصرفية؛ ففي سويسرا تطرق تعديلها الجديد الخاص بالحسابات غير المطالب بها إلى استخدام الصحف السويسرية كوسيلة للعثور على أصحاب الحسابات غير المطالب بها، فعلى سبيل المثال، لو أن وافداً ترك في حسابه مبلغاً من المال وغادر إلى وطنه بدون عودة فكيف لورثته معرفة ذلك واستعادة هذه الأموال إلا عن طريق الإعلان بالصحف.
وختاماً وبحكم أن بحثي لدرجة الدكتوراه بالقانون التجاري والبنوك كان بعنوان «الحسابات غير المطالب بها في البنوك السعودية» الذي سبق هذا التعديل بعدة أشهر أتطلع إلى رؤية التطبيق العملي لهذا التعديل.
د. عبدالرحمن محمد المسند - دكتوراه بالقانون التجاري والبنوك