فى سوق الأفكار المتخم بالغث والسمين، يبحث المثقفون المحليون عن موطئ قدم هناك تخولهم الحضور والعيش .
سوق الأفكار مثله مثل أى سوق تحكمه قوانين العرض والطلب بين البائع والمشتري .
المثقفون يحلمون بفرص البيع دائما وحتى الشراء يظل إتمامه مرهونا بفرصة بيع قادمة تلوح فى الافق ! .
كثير من المثقفين يعانون من البطالة وكثير من الاسواق تعاني بطالة ثقافية مقنعة سببها المثقفون ونتاجاتهم المتشابهة والمكررة.
منتج المثقف السعودي مازال موغلا فى المحلية والتقليدية، فرص منافسته فى اسواق الافكار المحيطة مازالت معدومة وذلك لرداءة التصنيع وبدائيته.
ورغم ذلك يظل المثقف السعودي شديد الحساسية لكل نقد يصادر بضاعته المزجاة عند الكثيرين من أبناء كاره فى المحيط الجغرافي القريب،وفى المقابل يطرب حد الثمالة لكل جمل الاشادات وسيمفونيات الثناء والمديح التى تاتيه من بعض احبته الذين يرون فى عملهم هذا نوع من البزنس الثقافي والعرف العملي الذي حتما سيكمل دورته الزمنية ويعود عليهم بالمثل ثناء ومدحا عند تدشين منتجاتهم الرديئة القادمة.
المثقف السعودي تائه بين خطابات عدة ،فينشأ الاغلب متأثرين بالخطاب الفطري السائد فى حياتنا،بل ان بعضهم يقطع مسافات زمنية كبيرة وهو يرتقي السلالم التنظيمية ليصل الى مرتبة تجعله علما حركيا يشار اليه بالبنان
وبعد ان يتشبع بهذا الخطاب، ينكص على عقبيه مهرولا باتجاه الفنار الفكري المقابل .يدشن تغيره الفكري الجديد بسيرة ذاتبة تحكي حياته الظلامية الاولى وكيف منَّ الله عليه بالهداية! تلكم السيرة يتلقفها اباطرة الخطاب (الخطاب المضاد )ويروجونها كمنتج ثقافي غير مسبوق.
يعتلي هذا المثقف الطموح منصات التوقيع ويبدأ بتدشين ذلك الاصدار ممهورا بتوقيعه المبجل .
الحقيقة أن ذلك المنتج ماهو إلا أسلوب من اساليب الضرب تحت الحزام فى المدرسة القديمة، وتنقص رموزها وافكارها ودهمائها الذين أضلوه السبيل، وبعد ان تهدأ عاصفة تدشين ذلك المنتج وتنحسر الاضواء عن ذلك المثقف ويخرج من سكرة الاضواء الزائفة التى أحيط بها،يبدأ يسأل نفسه وماذا بعد يا بطل ؟، مالذي ستقدمه لتعيد تلك الاضواء اليك؟ .
معضلة يعيشها بعض اشباه المثقفين الذين دشنتهم الصدفة وتصفية الحسابات ،ثم يكتشف لاحقا انه قد ضحك عليه وان سوق الافكار يتطلب منه اذا اراد الخلود فى ساحاته عملا ابداعيا محترما يقدره البعيد قبل القريب .
هذا مثال بسيط لبعض سلعنا الثقافية التى تطرح فى سوقنا الفكرية ،سلع لا تساوي ثمن الورق الذي كتبت عليه والغريب ان هولاء المثقفون الموسميون يرصعون سيرهم الذاتية بهذه المنتوجات المضحكة فى صور تذكرك ببعض جنرالات العالم الثالث التعيس الذين تثقل صدورهم الاوسمة والنياشين الزائفة وتاريخهم العسكري لم يسجل لهم جرأة على اطلاق رصاصة واحدة ولو كانت فى الهواء الطلق!.
كل هذا افرز للسوق الفكرية المحلية حالة من الكساد المعرفي والابداعي شواهد ذلك فقر المكتبة المحلية للنافع والمفيد ،ورواج البطالة الثقافية المقنعة بين المثقفين الذين يحضرون وباستمرار ولكنه حضور خال من النكهة المميزة التى تغري المستهلك وتجعله يقرر اعادة شرائهم منتجا فكريا يرصع به مكتبته وذائقته وذاكرته.
ترى هذه البطالة المقنعة من المسؤول عن تغييرها ؟ومن يستطيع ان يعيد المثقف السعودي الى سوق الانتاج الجيد والمفيد وخصوصا ان اسهمه فى بورصات الابداع اصبحت محل تندر وازدراء من الآخرين ؟.
صناع الفكر والثقافة الجادون والمحترمون على موعد مع رؤية طموحة وخطة عمل تنتشل المثقف وانتاجه من حالة الردائة والعزوف، التى باتت ردة الفعل لكل انتاج مدموغ بعلامة المثقف السعودي، لان ذلك الانتاج مازال يراوح مكانه وما زال صاحبه يبحث عن حضور مميز دون ان يكلف نفسه عناء تطويرها ومسايرة الاخرين ورصد اسباب نجاحهم وشهرتهم والأخذ بها .
- علي المطوع