توقفت في نهاية المقالة السابقة عند إحالة الدكتور عبد الله الطيب إلى الدكتور محمد مندور في استعمال كلمة تفعيلة بمعنى Foot (في الموضع الذي أشار إليه), وقلت إنها غير دقيقة؛ لأن الدكتور محمد مندور أورده فعلاً في الصفحة التي أشار إليها, لكن الكلمة وردت في نص اقتبسه الدكتور مندور من الدكتور دريني خشبة في سياق رده عليه بخصوص عروض الشعر الفرنسي.
المصطلح عند الدكتور محمد مندور
يقول محمد مندور في الميزان الجديد ليرد على دريني خشبة بخصوص التفعيلة والأبحر:
«يريد الأستاذ أن يميز بين العروض الإنجليزي وغيره من الأعاريض الأوربية وبين العروض العربي فيقول: «وبحسبنا هنا أن نذكر أن العروض الإنجليزي بل كل أنواع العروض في اللغات الأوربية إنما كان أساسها التفعيلة THE FOOT, وليس أساسها الأبحر كما في العروض العربي «وهذا قول لا معنى له إطلاقًا, لأن جميع أنواع الشعر الشرقي والغربي على السواء تتكون من تفاعيل يجتمع بعضها إلى بعض فتكون الأبحر, والشعر العربي في هذا كغيره من الأشعار. وإنما التبس الأمر على الأستاذ لأنه رأى الأبحر في الإنجليزية تُسمى باسم التفعيلة المكونة لها فيقولون iambic meter... إلخ.. وأما في العربية فقد وضعوا لها أسماء أخرى كالطويل والبسيط وغيرها.. وإذا كانت في الشعر العربي أبحر( ) متجاوبة التفاعيل كالطويل أو البسيط مثلاً حيث نجد التفعيل الأول يساوي الرابع, فإن هناك أيضًا أبحرًا متساوية التفاعيل كالمتدارك والرجز والهزج والكامل وغيرها, وهذه من الممكن أن تسمى بأسماء تفاعيلها فالمسألة مسألة مواضعة.. وإذا كانت في الشعر العربي زحافات وعلل فإن الشعر الأوربي أيضًا فيه ما يسمونه بالإحلال.. فتراهم يضعون مقطعًا اسبونديًا محل مقطع داكتيلي أو مقطع ايامبي.
وفي الشعر الأوربي والعربي معًا لا يغير هذا الإحلال من اسم التفعيل الأصلي.. وإذن فكل الأشعار من هذه الناحية لا تختلف في شيء.. وإنما تتميز الأشعار ببنية التفاعيل.» ( )
ثم يمضي الدكتور مندور مفصلاً الفروق بين أنواع الشعر الكمي الذي يمثل له بالشعر اليوناني واللاتيني القديمين, والشعر الارتكازي الذي يمثل له بالشعر الإنجليزي والألماني, والشعر المقطعي الذي يمثل له بالشعر الفرنسي.
ويهمني في هذا السياق التوقف عند استخدام مصطلح (قدم) لدى الدكتور مندور واعتراضه على الدكتور دريني في فهمه للقدم.. ومن الواضح أن جزءًا من هذا الاعتراض لا يقع على جعل مصطلح (قدم) مقابلاً للتفعيلة, وإنما يقع لأن الدكتور دريني ظن أن المقارنة تقع جهة البحور الشعرية في العربية, وكان المتوقع من الدكتور مندور الكشف عن أن مصطلح (قدم) لا يعني التفعيلة على إطلاقها, وإنما قد يعني التفعيلة أو جزءًا منها كما تقدم في نص دكتور عبد الله الطيب الوارد أعلاه.
- د.فاطمة بنت عبدالله الوهيبي
Rafeef 2010@gmail.com