د. عبدالرحمن الشلاش
الأزمة الاقتصادية التي أحدثها انخفاض أسعار البترول وتأثرت بنتائجها الدول المنتجة للنفط وتحديداً الدول التي تعتمد عليه كمصدر رئيس للدخل القومي، هذه الأزمة ليست الأولى وربما لن تكون الأخيرة بسبب أن النفط كسلعة يتأثر مثل غيره بالمتغيرات والعوامل العالمية وهو في ذلك مثل الذهب وغيره من المعادن الثمينة.
المملكة تأثرت بهذه الأزمة أكثر من مرة لكن أشدها عندما وصلت أسعار البترول سبع دولارات للبرميل الواحد وكان لا بد في كل مرة من ضبط للمصروفات أو ما يسمى بالترشيد أو التقشف، أي أن الدولة تتجه لإجراءات تؤدي إلى خفض الإنفاق لتلافي العجز، وهو حل مناسب في ظل الظروف الحالية، أو الاتجاه للدين والقروض لتغطية العجز المتوقع وهذا له مخاطر كثيرة أقلها أنه سيؤدي حتماً إلى تراكم الديون ما يعني أن الحكومة عند عودة الأمور إلى طبيعتها ستنشغل بسداد الديون وهذا الأمر سيؤدي بدوره إلى تأخير المشروعات والتوظيف والتطوير.
مجلس الوزراء في قراراته يوم الاثنين أخذ بالخيار الأول وهو خيار الترشيد بإلغاء بعض البدلات والمزايا وكذلك وقف العلاوة الإضافية عند الترقية، أو العلاوة عند تجديد أو تمديد العقود، وطرح حلول عملية لمعالجة وضع الوظائف الشاغرة والمشغولة بغير السعوديين. لا شك أن الدولة حريصة على معالجة أي أزمة، والجميع سيقفون مع حكومتهم لتجاوز الظروف الحالية حين تفهمهم لسلسلة الإجراءات المطبقة خاصة وأنها لم تبخل عليهم في أوقات الرخاء فصرفت مكافآت ومنحت زيادات وطرحت وظائف ودعمت سلع ومشروعات.
هناك أمور لابد أن تدرج في خطط الترشيد لأن معظمها لا يمثل متطلباً أساسياً، ولنبدأ ببعض بنود الميزانية وخاصة تلك البنود التي تعتمد في صرفها على مزاجية بعض المسؤولين وتنفق على حفلات ونثريات، ثم بعض الإمكانات المادية التي يساء استخدامها من الفاسدين في بعض الدوائر.. أي أن الحنفية تحتاج لضبط داخل بعض الدوائر ليس فقط في الرواتب والمكافآت، وإنما حتى في الإمكانات المادية المصروفة وتتعرض للانتهاك، والانتدابات وخارج الدوام والتي يستخدمها المسؤول لتنفيع المقربين من الموظفين.
ماذا لو قلبنا المعادلة واعتمدنا الاستثمار بديلاً عن أي حل ضمن خطة طويلة المدى وباستثمارات كبيرة جداً توفر كل الحلول عند حدوث أي أزمة مستقبلية لا قدر الله. أعتقد أن هذا هو الحل المثالي والدائم دون الحاجة للجوء للترشيد أو التقشف.