سلمان بن محمد العُمري
من الأمور المألوفة في معظم السفارات أن كل سفارة تحتفل بمناسباتها الوطنية وتقوم بترتيب حفلات استقبال في مقر السفارة أو في أماكن خاصة بالاحتفالات، وسفارات المملكة في الخارج تسير وفق هذا النسق حيث تنظم السفارات وممثلياتها في الخارج التي يزيد عددها عن المائة في الاحتفال باليوم الوطني الذي يصادف الثالث والعشرين من شهر سبتمبر من كل عام، وتتميز الحفلات التي تقيمها السفارات السعودية بكبر حجمها وكثرة عدد المدعوين لها ويدعى لها السفراء المماثلين كما يدعى لها النخب السياسية والثقافية والاقتصادية والإعلامية في المجتمع.
والملحظ الغالب في معظم الحفلات التي تقام في سفارات المملكة في الخارج أنها ذات طابع واحد يقف السفير وبعض أركان السفارة في مقدمة مكان الاحتفال ويرحب بالمدعوين ثم يدعوهم لتناول طعام العشاء، فيما سبق لبعض السفارات وهي نادرة أن دعت بعض فرق الفنون الشعبية للمملكة وقدّمت عروضاً من الأهازيج والرقصات، وعدا ذلك فإن الحفلات تقتصر على ذلك، وقد يجتهد بعض السفراء ويضع سجلاً تسجل فيه انطباعات بعض الحضور وأمنياتهم لبلادنا، وعندها يغادر المدعوّون مكان الحفل بمثل ما استقبلوا به من حفاوة وتكريم وعلى غرار أعراسنا ومناسباتنا في بعض البلدان (سكتم بكتم).
وكنت قد كتبت حول هذا الموضوع في مقالة سابقة وقلت أنّنا لا نستفيد من هذه المناسبات بالتعريف ببلادنا وتاريخنا وما لدينا من منجزات حضارية وأعمال إنسانية ونهضة تنموية ولم نقدم أنفسنا في محافلنا أو توضيح مواقف المملكة وتمنيت في حينها ولا أزال أن يتم إعداد عمل إعلامي مرئي متميّز تشارك فيه وزارة الثقافة والإعلام، ووزارة الخارجية ويكون بعدّة لغات ويكون العرض متعدداً فما يقدّم في البلدان الإسلامية مع الحديث عن تاريخ المملكة يقدّم تعريفا بجهود المملكة في خدمة الحرمين الشريفين وإعمارها والمشاعر وخدمة القرآن الكريم وجهودها في التضامن، ولدى الدول الصديقة يتم التعريف بتاريخ المملكة وما فيها من آثار، وما تقدّمه للعالم من برامج إنسانية ودعم للدول وهكذا، مع طبع كتيّبات بلغات مختلفة إلى جانب العرض المرئي، وفي الدول التي يوجد فيها عدد من أبنائنا المبتعثين فيتم الاستفادة منهم في شقّين الشق الأول: أن يسهموا في التعريف ببلادهم في اليوم المفتوح في الجامعة أو في اليوم الوطني وتزويدهم بالمنشورات والمطبوعات والعروض المرئية.
والشق الثاني: أن يقدّم هؤلاء فقرات من تراثنا الشعبي في حفل السفارة وبهذا نكون قد استفدنا من شبابنا في الخارج بالتعريف ببلادهم ومنجزاته بل وتعزيز حب الوطن لديهم في بلاد الغربة، ولا أنكر أن للشباب السعودي وبجهود فردية ذاتية اجتهادية دور في التعريف ببلادهم ولكن بما يملكونه من إمكانات يسيرة مادياً ومعنوياً.
إن المعتاد حضور نخب متميزة في كل بلد لحفل السفارات ومن الأهمية أن نستفيد من حضورهم في أن نقدّم أنفسنا، ونعرّف ببلادنا وأن يكون الاحتفال باليوم الوطني فرصة للمزيد من التواصل المعرفي والاستفادة من التقنية الحديثة بالعرض المباشر خلال الحفل أو تزويد الضيوف بنسخة وصلات إليكترونية حافظة للمعلومات أو CD، ولا يمنع أيضاً أن تسهم المؤسسات الاقتصادية الكبيرة في بلادنا في التكاليف والإعداد والتنفيذ وخاصة ممّن لديها خبرات في المشاركة في المعارض الدولية والمناسبات كهيئة الاستثمار، وأرامكو، وسابك وغيرها من المؤسسات المقتدرة مادياً وفنياً، وكذلك اشتراك دارة الملك عبدالعزيز في إعداد المادة التاريخية المناسبة.
وإذا ما أردنا المشاركة الفعالة في المناسبات القادمة فلا بد من المبادرة من الآن في إعداد عمل إعلامي وطني يسهم في التعريف ببلادنا ومنجزاتها وتأريخها ورؤيتها أن يكون مبكراً العمل لليوم الوطني القادم، وإنني أظن أن لدى معالي وزير الخارجية الأستاذ/ عادل الجبير الخبرة والدراية والكفاءة ما ينتظر منه الشيء الكثير في قابل الأيام.