أكد عدد من الحرفيات التشكيليات في المملكة العربية السعودية أهمية دور الحرف والصناعات اليدوية في المجال الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، وأبدين حرصهن على ضرورة النهوض بقطاع الحرف والصناعات اليدوية، بوصفه قطاعًا استثماريًّا مهمًّا؛ إذ يمكن من خلاله توفير الفرص الوظيفية لعدد كبير من المواطنين السعوديين، رجالاً ونساء؛ ما يسهم في تحسين أوضاعهم، ومن ثم دعم الناتج المحلي، وتعزيز التنمية المتوازنة في مناطق المملكة كافة.
وقالت الحرفية هند العبدالله إن الحرف والصناعات اليدوية فضلاً عن أنها تمثل تراثًا عريقًا، يجسد هويتنا وأصالتنا، فهي أيضًا تمثل موردًا اقتصاديًّا مهمًّا للفرد وللمجتمع والدولة. مضيفة بأن هذا التراث يربطنا بماضي أجدادنا، ويعكس لنا بيئاتهم وعبقريتهم في تطويع البيئة وتوظيفها في حياتهم، في المأكل والمشرب والمسكن والاقتصاد. وقالت إن هذا القطاع الآن يساهم بشكل فعّال في تطوير السياحة من خلال جهود الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز؛ إذ تم توظيف كثير من المباني التراثية، وتهيئتها لتكون متاحف ومقصدًا للزوار والسياح. وقد تم تخصيص عدد من هذه الأمكنة التاريخية لاحتضان تراث الحرف والصناعات اليدوية المختلفة. مضيفة بأن هذا النوع من التراث يمثل حضارة لم ولن تندثر طالما هناك جهود مستمرة لإحيائها وتطويرها وتوظيفها في المجالات المختلفة. مبينة أنه عندما يرى زائر أو سائح نماذج من الحرف والصناعات اليدوية، ويستهويه براعة فنها ودقة صنعها، حتمًا سيسعى لمعرفة المكان والناس والثقافة والبيئة التي أوجدت هذا الإبداع؛ ما يتيح التعريف بتراثنا داخليًّا وخارجيًّا؛ الأمر الذي يعود على مجتمعنا بالفائدة المرجوة، اقتصاديًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا.
وقالت إنها شاركت في معارض وأعمال عدة داخل المملكة وخارجها، من بينها مشاركة بمشروع (المجسمات التراثية) بمناسبة حفل افتتاح مقر شركة تراثنا، الذي دشنه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز في 14 أكتوبر 2015م بحي السفارات بالرياض، ذلك الحفل الذي شهد عرض أبرز المشروعات التي دعمتها الشركة. مضيفة: شاركت في معرض الحرف والصناعات اليدوية «بارع»، ومعرض للآثار في مملكة البحرين، وقدمت تراث بلادي من خلال حرفتي لمسؤولين كبار وعلماء مختصين في عدد من المجالات ومؤسسات اعتبارية كبرى. مبينة أنها أهدت للغرفة التجارية الصناعية كثيرًا من الأعمال بوصفها جهة تسويقية وحاضنة لجميع الشركات الاستثمارية؛ ما يعزز مفهوم تراثنا وقيمته. كما أهديت بعض النماذج التراثية للشيخ عائض القرني، وخارج المملكة قدمت للأميرة دينا موعد من الأردن هدية قيمة من تراثنا، كذلك قدمت هدايا تراثية لمعالي الشيخة مي بنت محمد آل خلية وزير الثقافة البحريني، والأميرة استريت شقيقة ملك بلجيكا.
وأشارت الفنانة التشكيلية سلمى الشيخ إلى أن دعم قطاع الحرف والصناعات اليدوية يحتاج في المقام الأول إلى دعم الفنانين والفنانات التشكيليات ماديًّا ومعنويًّا؛ وذلك من أجل تطوير الأعمال الفنية التي ترقى بتقديم منتج وطني، ينافس في السوق المختلفة. مبينة أن هناك أوجهًا عدة لدعم الفنان أو الفنانة التشكيلية، من بينها التشجيع على شراء المنتجات الحرفيات بسعر عال ومغر، يحفز على مزيد من الإنتاج والتطوير، ومساعدة الدولة والمجتمع في تسويق المنتج والترويج له، والتعريف بمكانته وقيمته الوطنية والاقتصادية والتاريخية. وقالت: يجب أن تضطلع بذلك شركات ومؤسسات تابعة للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بوصفها الجهة الرئيسة المسؤولة عن السياحة والمحافظة على التراث وتطويره. وعن الجدوى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للحرف والصناعات اليدوية قالت: إن الحرف والصناعات اليدوية ستسهم بفاعلية في دعم الناتج المحلي، وتوفير الفرص الوظيفية. وثقافيًّا ستعمل على تعزيز الوعي بقيمة تراثنا وأهميته.
ولفتت إلى مساهماتها ومشاركتها في المعارض الداخلية والخارجية، ومن بينها مشاركتها بمشروع الرسم على الجلود بمناسبة افتتاح مقر شركة تراثنا الذي دشنه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز في 14 أكتوبر 2015م.
من جهتها، تؤكد حورية غندورة استفادتها المالية من أعمالها الحرفية الفنية، مبينة: أقوم بصناعة التراث بصورة جديدة، وبأعمال صغيرة، كالتحف في المنازل. وكنت في بدايات عملي الفني بالرواشين والبيوت الجداوية القديمة أعرضها بأسعار غالية على الزبائن، تصل إلى 6000 ريال أو أكثر؛ ما يجعل الكثيرين يحجمون عن الشراء.
وتضيف: قمت وفريق العمل بتصميم أجزاء من بيوت جدة القديمة، مثل متعلقات المنازل القديمة، كالأبواب والرواشين والمرجيحة وعربية كرو وعربية السقا وعربية قاز وأبواب البيت وأقسام البيت ونصبة الشاي ومنازل صغيرة، ونحو ذلك؛ ليتم عرضها على الزبائن بسعر معقول جدًّا، يمكنهم من شرائها واقتنائها كتحفة في المنزل، ووجدت سوقًا رائجة لدى من يتابع التراث. وتضيف غندورة: التذوق للأعمال ليس بالجهد الذي يقومون به ويصنعونه. مشيرة إلى أن الزبائن يستغربون الأسعار التي يتم رصدها للأعمال التراثية؛ فالأدوات ليست غالية، ولكن المجهود هو الغالي. مضيفة بأنها تفرح كثيرًا بمن يقدر المجهود. وذكرت أن العمل منهم كفريق يأخذ ثلاثة أشهر أو أكثر، إضافة إلى بحثها المتواصل في الإنترنت ومنازل جدة القديمة والزبائن عن كل ما هو تراثي، وإخراجه بصورة لائقة جديدة.
وقالت إن فريق عملهم يتكون منها ومن شقيقتها ومهندس ميكانيكا مصري؛ لأنه القادر على إخراج التصميم المناسب، ولديه خبرة في المنازل القديمة والرواشين ومقاساتها المتنوعة؛ فهناك فرق بين رواشين مكة وجدة في الشكل والحجم والمقاس والبروز، ونحو ذلك، ولا يعلم بذلك إلا من لديه الخبرة الكافية في الرواشين وصناعتها.
أما رحمة فلاتة التي تميزت بعمل الدروع التكريمية فلا تتردد للحظة واحدة قبل أن تخبرك بإيمانها بأن هدايا الحرف اليدوية أفضل من نظيرتها المستوردة، كما لا تخفي أمنيتها بأن تتعلم الفتيات السعوديات المزيد عن هذا المجال. أما الخبر الذي أسعدها وهي تعرفه للتو فهو القرار الحكومي باعتماد الهدايا التراثية وأعمال الأسر المنتجة لتقديمها إلى ضيوف المملكة. وتقول: أما فيما يتعلق بتطور عملها مع الوقت فهي تبدي ارتياحًا لما تحقق لها، ولاسيما خلال الشهور الثلاثة الأخيرة التي لبت فيها خمسة طلبات بكميات كبيرة، وصلت إحداها إلى 500 قطعة، ورغم ذلك تربط النجاح بالقدرة المادية على توفير مواد أساسية وأدوات مساعدة، كما تعتبر التطوير وتنويع المنتجات أسبابًا مهمة في الاستمرارية. وتضيف: في حال توافرها يمكننا العمل على لوحات كبيرة وإكسسوارات منزلية وأخرى للأجهزة الحديثة. يجب عدم الاكتفاء بالهدايا تذكارية؛ فهي تظل منتجًا موسميًّا.