لم تكن التصريحات الأخيرة للمرشد الإيراني علي خامنئي، سوى حلقة جديدة في مسلسل العواء الإيراني الحاقد على المملكة، بسوق ادعاءات باطلة، وافتراءات مكشوفة، إذ تسعى إيران إلى إظهار المملكة العربية السعوديـة أمام الرأي العام في العالم الإسلامي على أنها «مقصرة تجاه ضيوف الرحمن» في محاولة بائسة لهز صورة المملكة إقليميا وتحقيق مكسب سياسي لإيران في عدد من الملفات الأخرى، خاصة أن الحج لا تمتلكه السعودية، بل تنظمه فقط، في خطوة أكّد خبراء أنها دعوة مباشرة لتصعيد الموقف الطائفي في المنطقة والتحريض على إثارة الفتنة.
وتمتلك إيران الدولة التي لا تتوقف عن إثارة القلاقل في كل اتجاه نزعة توسعية وتستخدم التشيع رأس حربة لاختراق المجتمعات الإسلامية، بل ذهب طموحها إلى محاولة التأثير مذهبيا وسياسيا في مناسك الحج، لتحقيق تلك الأهداف. وإن المؤامرة الحالية التي تديرها لا تقتصر على تحقيق أهداف سياسية فقط، بل الموضوع يتجاوز ذلك إلى تحقيق طموحات لم تتحقق في التاريخ الإسلامي، منها محاولة تشييع الحرمين الشريفين.
وتتجاوز المساعي الإيرانية للتشويش على الحج إطارها الزمني والاستراتيجي الراهن وأثره على علاقاتها مع المملكة، فقد سعت طهران منذ أيام الخميني، إلى إضفاء مراسم خاصة على مناسك الحج، تسمى دعاء «كميل» ومراسم «البراءة» و»نشرة زائر»، وهي مراسم أطلقها الخميني وألزم بها الحجّاج الإيرانيين.
و»إعلان البراءة من المشركين» شعار ألزم المرشد الإيراني الراحل الحجاج الإيرانيين برفعه وترديده في مناسك الحج، من خلال مسيرات أو تجمعات، ويتم فيها أيضا ترديد شعارات سياسية من قبيل «الموت لأميركا» و»الموت لإسرائيل»؛ باعتبار أن الحج، من وجهة النظر الإيرانية، يجب أن يتحول من مجرد فريضة دينية تقليدية، إلى فريضة دينية سياسية.
وفضلا عن أن هذه التجمعات تُعيق حركة بقية الحجيج من دول العالم الإسلامي، فإنها تهدف إلى إبعاد الحج عن مقصده الأساسي كفريضة دينية، والعمل على تسييسه من خلال تلك الشعائر، التي اعتاد الإيرانيون على تضمينها في اتفاقية البعثة الإيرانية للحج، كل سنة، وتردّ السعودية، مدعومة بمختلف المراجع والمؤسسات الدينية في العالم الإسلامي، بالرفض والتحذير.
لكن السنة الماضية وهذه السنة، عمد الجانب الإيراني إلى تصعيد الموقف، واعتبار الموقف السعودي موقفا خاصا من الدولة السياسية لا من الجهات الدينية المعنية بمتابعة ملف الحج والحرص على سلامة الحجاج وأمنهم، وعلى احترام إحدى أهم الشعائر الإسلامية.
ولقد قدمت المملكة الكثير من الدعوات لإيران في ضوء ما تمرّ به الأمة الإسلامية والعالم، إلا أن طهران أبت إلا أن تمضي في مشروعها الطائفي البغيض. وإن ما ورد في بيان المرشد الأعلى الإيراني بشأن الحج، ما هو إلا محاولة لإثارة الفتنة والطائفية بين الشعوب الإسلامية، بهدف إضعافها وتدميرها، وذلك بعد استنزاف كافة الطرق للنيل من السعودية التي قررت صدّ المشروع الإيراني المدمر في المنطقة.
لذ فإنه يتوجب على الحكومات والمؤسسات الفاعلة في العالم الإسلامي أن تتصدى لمثل هذه المؤامرات، فالصمت لم يعد حلاً مناسباً، كما أن تنامي الطموحات الإيرانية يؤدي إلى صعوبات كبيرة في التعامل بشدة وحزم مع موسم الحج في المستقبل.