أ.د.عثمان بن صالح العامر
من أكثر الأشياء التي شدّد الإسلام على أهميتها وأوجب المحافظة عليها بعد التوحيد لله عزّ وجلّ:
• وحدة الصف الداخلي.
• واتحاد الكلمة خلف قائد واحد لكل منا في عنقه بيعة له.
• وعدم التفرُّق تحت رايات وشعارات وطوائف وفرق ذات مرجعيات فكرية متضاربة.
• وزرع بؤر الاختلاف في المجتمع بأي صورة كانت هذه البؤر، ومن أي نوع كان الشجر المزروع.
• والالتفاف حول ولي الأمر والسماع له وطاعته في غير معصية الله.
• والرجوع إلى أهل الذِّكر فيما أشكل وجدّ من نوازل وأقضيات تهم العامة وتؤثر فيهم في أي جانب من جوانب حياتهم. ليس هذا فحسب بل إنّ هذا الدين العظيم :
• بيّن لنا سبل المنافقين، ورسم لنا معالم شخصياتهم حتى نحذرهم ونكون على وعي تام بمخططاتهم وأساليبهم الملتوية وشائعاتهم المغرضة، ومن ثم نتقي شرورهم ونجانب طرائقهم ولا نتبنّى مشاريعهم التي قد تبدو مقنعة في ظاهرها لبعض منا ممن قد تجرهم أهواؤهم لذات اليمين تارة أو ذات الشمال أخرى، فينساق وراءها - لا سمح الله - كل ذلك من أجل أن نسلم مجتمعاً وأفراداً، وننعم بالأمن في الوطن والطمأنينة والاستقرار في النفس والروح والجسد.
• أكثر من هذا حدد الوحيان الموقف الواجب على المسلم أن يلزمه حيال ما يتخذه ولي الأمر من قرارات ذات صلة لصيقة بإيقاع الحياة اليومية التي يعيشها هذا الإنسان في هذا الجزء من ديار الإسلام، مفرقاً بين حاله قبل أن يتخذ القرار ويبتُّ فيه صاحب الكلمة الفصل في دولة الإسلام، والحال عقب أن جمع الحاكم أمره وعزم على إعلان ما انتهى إليه مما يعتقد أن فيه الخير لشعبه ووطنه، بعد أن شاور وفكّر واستخار ثم توكل على الله الذي عنده وحده الخيرة الحالية والمستقبلية والأمر أولاً وأخيراً كله بيده.
هذا المشهد بكل تفاصيله نجده حاضراً عبر تاريخ الإسلام منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتى هذه الساعة:
• فالطابور الخامس الذي ينخر في جسد الوطن ويحاول أن يفتت المجتمع كما هو من قبل.
• والشائعات والأقاويل والإرجاف هي مطيته التي يركبها وإن تطورت اللغة وتعددت السبل والوسائل، بعد ثورة التقنية التي أتاحت للرويبضة أن تتكلم فيما يهم العامة على وجه العموم.
• وتنوعت المواقف المعلنة وكثرت سواء أكانت في مضمار السياسة أو الإدارة والاقتصاد أو الاجتماع، بل حتى الدين بعد أن كانت محدودة، جراء كثرة أدعياء الفهم والوعي بطبيعة المرحلة واختلاف مرجعياتهم الفكرية.
• ولم تفرّق شريحة منا بين الواجب في حقها قبل صدور القرار - أياً كان هذا القرار - من ولي الأمر وبين ما يلزمها من سلوك بعد أن صدر فيه مرسوم ملكي قاطع، فهو ربما لم يسمع من قبل بفقه المآلات، ولا يعرف الشر من الخير على وجه العموم، فكيف حاله والمطلوب منه أن يعرف خير الخيرين وشر الشرين حتى يختار أخير الخيرين وأقل الشرين شراً.
• ولا يدرك عمق دلالة قول الله عزّ وجلّ : {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} (83) سورة النساء.
حفظ الله قادتنا وعلماءنا ، وحمى بلادنا، وأدام عزنا، ونصر جندنا، وأعلى رايتنا، ووحد كلمتنا ويسر أمرنا ووقانا شر من به شر، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.