د. خيرية السقاف
لا بأس..!
الوَجلون, والمتوجِّسون, من وَهَنِ قدراتهِم أن تواجه المتغيرات الناجمة عن القرارات الأخيرة التي مسّت بنوداً من مرتباتهم تحديداً الفئات التي لن يضاف لراتبها العلاوة السنوية للعام الجديد 1438, أو كامل مستحقات الإجازات كالسابق, في جانب التزامها برسوم الخدمات التي ارتفعت, ومواجهة جشع التجار الذين لا يأبهون، والشركات التي يتعاملون معها بشكل وآخر حسب حاجاتهم, والقروض التي يلتزمون بها, والأقساط التي يتكبّدون، وإيجار الدار, ووقود العربات, وأسعار قطع الغيار, ونحوه...,
هؤلاء نقول لهم, لا بأس..!
لا بأس..!
لأننا نتوقع في المقابل أن يكون هناك استنهاض من ذوي العقول المدبرة للمبادرة المعادِلة للموقف بالخطط الذكية لمواجهة الأزمات دون تراخٍ من أجل تسيير الأمور بسلاسة تُمكِّن هذه الفئات من تنظيم الدخل في مقابل الصرف, فالتكيُّف مع التعوُّد, ومن ثم تجاوز هذا التحول الطارئ إن شاء الله...
ذلك لأنّ الفئات الأعلى دخلاً لن تمسهم التغييرات كثيراً, بل ربما لن يشعروا بها كما هؤلاء..
ولتيسير الانتقال الفكري, والوجداني, فالسلوكي للفرد مع مستجدات الواقع يتعيّن إعادة خض السوق بضخ ما قلّ ثمنه فيه, وعلت جودته بجميع أنواع, وأغراض احتياجات الفرد, وهذا يتطلب توجيهَ بل إلزامَ التجار بالتعامل وفق المتطلّب بتقنين الأسعار, وعدم رفعها. وإلزام القطاع الخاص, والتعليم الأهلي, والمصحّات غير الحكومية بخفض رسومها, وتقديم تسهيلاتها.
من جهة أخرى ولضبط الإنفاق يتعيّن على مؤسسات التعليم, والجامعات فيها أن تبادر وبقوة نحو تقليص نفقات المؤتمرات, وحصرها في نطاق انتقائي, وإيقاف البذخ في الاستقبال والهدايا, الموسومة بالمناسبة, والصرف الفائض على اللقاءات, والضيافة, والتمثيل الخارجي, ونحوه.
كما قد يكون من مقتضى الأمر أن تُوقف مؤسسات المجتمع جميعُها ظاهرة التعامل مع الخبراء من الخارج, والمستشارين, بل تُلزَم بتقنين الحاجة إليهم في النطاق الضيق, ومن ثمَّ تقليص عوائدهم المالية بحزم, وجدية, والاستعانة بخبرات المواطنين, والثقة فيهم, وإعدادهم, وتدريبهم, ففيهم الخير الكثير, وفيهم الخبرات العديدة، والطموح التفاعلي الوثاب, والإسناد إليهم بمهمة النهوض بجوانب الاحتياج, والتصدي لدعائم البناء.. فالوطن ثري بخبرائه لكنهم مهملون منسيون يتقدمهم الأجنبي, ويُفضَّل عليهم في مواقعهم التي يستحقونها داخل مؤسسات مجتمعهم.
من جانب آخر, ولتخطي الأزمة لعل دعم المشاريع الصغيرة, وتشغيل الشباب الناهض للابتكار, والعناية بالتصنيع, وبث مواهبه في الميدان, وتقديم أفكاره دون إغفال, ما يساعد على فتح آفاق جديدة للأسر, وللأفراد لتحسين دخلهم أكثر, وتحريك عجلة الاعتماد الذاتي.
ويبدو لي أنّ الالتفات إلى ميزانيات النوادي الرياضية, وفحش الإنفاق فيها على المدرب, واللاعب الأجنبي, بل اللاعب المواطن ضرورة لتكون هذه المؤسسة الترفيهية ضمن السور, وداخل الإطار المُستجَد.
ثم أليس من حق الوطن على الأثرياء أن يسهموا في تحمل جانب بيِّن وواضح من ميزانية الإنفاق في المجتمع بشكل ملزم, ومبادرة مسؤولة, في مقابل مكاسبهم..؟
ربما من سوف يتصدون لإدارة طوارئ المرحلة سيقدمون الكثير من المقترحات, والأجدى من الأفكار, والمثمر من الجهود, بشكل حيوي فاعل, يتوازى مع الحدث.
والآن الآن, هو الوقت لهيئة الفساد أن تنفذ..
فلتشمر عن ساعديها وتجدُّ في المضمار. لتتصدي لأي مَن تسول لهم أنفسهم القفز على ما يحقق العدالة, وإنصاف الأقل دَخلاً.