د. عبدالواحد الحميد
لم يكن أحدٌ عندنا يسمع عن مرض الزهايمر إلا القليل من الناس، وإن كنا نسمع عن الخرف، وهما مرضان يصيبان بعض كبار السن. وقد قرأت أن «الزهايمر» خرف، لكن الخرف ليس «زهايمر». والفرق بينهما يعرفه الأطباء المتخصصون حتى وإن كان تشخيص الحالة ليس سهلاً، كما أن الطب ما زال عاجزًا عن إيجاد علاج شافٍ للزهايمر.
وليس موضوع هذا المقال هو التوصيف العلمي لمعنى وطبيعة مرض الزهايمر الذي أصبحنا نسمع ونقرأ عنه كثيرًا في السنوات الأخيرة، ربما بفضل زيادة وعي المجتمع، أو بسبب تزايد نسبة المسنين، أو غير ذلك من الأسباب، وإنما الموضوع هو ضعف الرعاية المتاحة للناس المصابين بهذا المرض الذي ما زال الغموض يكتنف الكثير من الجوانب المتعلقة به.
وبالرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة عندنا في المملكة عن عدد المرضى المصابين بالزهايمر، حسب ما يقوله بعض المتخصصين في هذا الشأن، فإن التقديرات تخمن أن الرقم ربما يزيد على ستمائة ألف مريض. وهذا ما يقوله عضو مجلس إدارة جمعية أصدقاء مرضى الشيخوخة المشرف على فرع الجمعية بمكة المكرمة محمد عبدالرحيم في حديث لصحيفة الوطن السعودية. لكن الدكتور أيمن السنوسي استشاري المخ والأعصاب والمتخصص في الخرف والزهايمر يقول للصحيفة إن عدد الأطباء الحاصلين على شهادات متخصصة بالزهايمر في المملكة لا يتجاوز ثلاثة أطباء فقط. وهنا تقع المشكلة الكبرى!
ماذا يمكن لهذا العدد القليل جدًّا من الأطباء أن يفعل لستمائة ألف مريض؟ ربما لهذا السبب يضطر المرضى لمراجعة أطباء في المخ والأعصاب، ولكن من غير المتخصصين بشكل دقيق بالزهايمر! فإذا أضفنا إلى ذلك ضعف الرعاية في مستشفيات وزارة الصحة يمكننا أن نتخيل معاناة المرضى وأسرهم، وبخاصة أن المرض تصحبه أعراض سلوكية ونفسية قاسية.
مرضى الزهايمر يفقدون ذاكرتهم وإمكاناتهم الذهنية وارتباطهم بالواقع بالتدريج؛ ولذلك فهم أمانة في عنق الأجهزة الصحية الحكومية التي يجب أن توفر لهم الرعاية حتى وإن عز العلاج. فأُسر هؤلاء المرضى في الغالب لا يقصرون بحق ذويهم المرضى بقدر ما يستطيعون ويعرفون، ولكنهم غير متخصصين في كيفية التعامل معهم، وبعضهم لا يمتلك الإمكانات المادية اللازمة لرعاية ذويهم؛ لذلك فإن المأمول من وزارة الصحة الالتفات إلى هذه الفئة، وتوفير الرعاية اللازمة لها، والتخطيط للتوسع في تقديم الخدمات؛ لأن نسبة المصابين بهذا المرض تتزايد عندنا، وفي كل أنحاء العالم.
ختامًا، كل التحية والتقدير لجهود الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الزهايمر، وهي جمعية خيرية محلية تستحق الدعم نظير خدماتها التي تحاول من خلالها التخفيف من معاناة مرضى الزهايمر.