عروبة المنيف
بمناسبة حلول اليوم الوطني قررنا الاحتفال مع العائلة بهذه المناسبة السعيدة، وقيل لي إن مستلزمات الاحتفال من أعلام وشعارات وطنية تُباع في أسواق طيبة بالرياض. وعلى الرغم من عدم ارتيادي تلك الأسواق منذ فترة طويلة تفاديًا مني لازدحام الشوارع الرئيسية، ولعدم الوقوع في فخ التحويلات التي أصبحت متلازمة الرياض، إلا أن المناسبة تستحق المجازفة.
ذهبتُ لذلك السوق متخيلة قيصرياته الجميلة، وعندما أوصلني السائق بدأتُ أشك بصحة المكان، وتساءلت: هل نحن في أسواق طيبة أم في مهرجان طيبة الشعبي؟ فوضى لا مثيل لها، ومشاهد تفتقر لأدنى حس حضاري.. البائعون والبائعات يفرشون بضائعهم على الأرض أو على منصات موزعة بشكل عشوائي مسببة ازدحامًا خانقًا.. القاذورات متناثرة في كل الأرجاء.. البضائع المقلدة تُباع بدون حسيب ولا رقيب.. والأدهى من هذا كله حافظات الطعام من الأكلات الشعبية وصحون المأكولات المكشوفة، كالمعجنات وورق العنب والسندوتشات وغيرها، معروضة للبيع من قِبل المبسطات من النساء؛ إذ يمر عليها الساعات بدون برادات مع أجواء حارة، تفوق الأربعين أحيانًا، ومن البديهي أن يفسد الطعام. فأولئك النسوة البائعات لا يخضعن لأي معايير رقابية لفحص أغذيتهن، والتأكد من مدى سلامتها وسلامة طرق إعدادها؛ فلا شهادات صحية، ولا تراخيص، ولا مواصفات، ولا مقاييس، ولا معايير، ولا أنظمة، ولا إجراءات.
لم يخطر ببالي أن يكون الأمر بتلك الفوضى التي شهدتها، حتى بدأت أستفسر من (المبسطين والمبسطات) الباعة عن آلية الحصول على ترخيص حتى (أترزق الله) مثلهم، فكان رد الجميع بأنكِ لست بحاجة إلى أي ورقة أو أي إذن أو أي إجراء يُذكر، فقط ابحثي عن مكان (شاغر)، وابسطي بضاعتك أو مأكولاتك، وباشري البيع!
التساؤل البديهي في ظل تلك الظروف: كيف تسمح البلدية وأمانة منطقة الرياض بهذه الفوضى وبتلك التجاوزات؟ هل تنتظر حدوث وباء في ظل بيع مأكولات مكشوفة، تفتقر لأبسط معايير السلامة، وبدون رقابة وإشراف من أي جهة رسمية؟ كيف تسمح ببيع البضائع المغشوشة والمقلدة بدون رقابة؟ بل كيف تصبح أرضية السوق حقًّا مشاعًا لأي شخص يريد البيع بدون أي إجراءات تنظيمية تحكمه؟
ما المانع من تنظيم المبسطين من النساء والرجال؟ هل يستدعي الأمر استقدام خبرات من بلدية دبي مثلاً ليعلموا بلدياتنا آلية تنظيم الأكشاك في الأسواق (مول دبي أنموذجا)؟ إن تنظيم توزيع البسطات واستبدالها بالأكشاك يضمن مركز رزق منظَّم ومريح للجميع، سواء للبلدية أو للبائعين، من خلال تأجير الأرضيات، وتنظيم توزيعها بطريقة حضارية جاذبة، مع ضمان الرقابة الكاملة على ما يُعرض من بضائع ومأكولات، تحتكم لمعايير وشروط السلامة.
إذًا، ماذا ينقصنا يا بلدية الرياض، ويا أمانة منطقة الرياض، لتنظيم السوق؟ هل هي العقول؟ أم الهمة؟ أم الحزم؟ الرجاء التحديد حتى يُستدرك الناقص؛ فهذه الفوضى لا تليق بالوطن ولا بسمعته ولا بمجده ولا بتألقه في يومه الوطني.