المجمعة - فهد الفهد:
طرحت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد مشروع إعادة بناء جامع الملك عبد العزيز بالمجمعة في منافسة عامة؛ وذلك لما يمثله هذا الجامع من أهمية تاريخية؛ إذ تم إنشاؤه في عهد الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - وكان أكبر جامع في البلد، ويحتل مكانًا جيدًا؛ إذ يقع في قلب السوق التجاري القديم. وبمناسبة اليوم الوطني لتوحيد المملكة على يد جلالة الملك عبد العزيز - رحمه الله - نلقي الضوء على هذا الجامع التاريخي، وذلك من خلال هذا اللقاء مع الأستاذ حمود بن عبد العزيز المزيني الذي له اهتمامات بالتاريخ، الذي قال: يسرني في البداية أن أهنئ قيادتنا الحكيمة العريقة بهذه المناسبة الغالية على نفوسنا جميعًا، وهي مناسبة ذكرى اليوم الوطني الـ86، داعيًا الله أن يحفظ بلادنا وقادتنا، وأن يديم علينا نعمة الأمن والتقدم والاستقرار. وبالنسبة لجامع الملك عبد العزيز بالمجمعة أقول إن مدينة المجمعة عُرفت بأنها بلد علم منذ القدم، ذات موقع متوسط في قلب نجد؛ ما جعل من موقعها مفترق طرق في الماضي، ونقطة التقاء وتقاطع للطرق الحديثة في الوقت الراهن. وقد أصبحت في الوقت الحاضر مدينة ناهضة. كان الإمام تركي بن عبد الله آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثانية، الذي دخل المجمعة عام 1239هـ، قد بنى قصرًا في هذه المدينة، استمر قائمًا. وفي عام 1335هـ كان هذا القصر قد تهالك؛ فأمر الملك عبد العزيز بأن يبنى مكانه جامع كبير ومدرسة للبنين، تُضاف إلى المدارس والكتاتيب الموجودة، وأن يُبنى بجوار الجامع كذلك مجموعة من الدكاكين، تكون وقفًا على الجامع والمدرسة. كما أمر بأن يُقتطع كذلك من القصر جزء يغرس فيه مجموعة من النخيل تابعة للجامع، وذلك على بئر، ربما أنها بئر القصر، أو أنها حُفرت مع تأسيس الجامع، ولكن لما أنه لم يشر إلى حفرها في خطابه فالأقرب أنها بئر قصر الإمام تركي. وكان ذلك تحت إشراف عبد المحسن بن دغفق، كما جاء في خطاب الملك لأهل المجمعة عام 1335هـ. وقد تم بناء هذا الجامع وملحقاته منذ ذلك التاريخ؛ فأصبح أكبر جامع في البلد، وفي قلب السوق التجاري القديم.
وفي التسعينيات من القرن الهجري الماضي قامت وزارة الأوقاف بهدم الجامع الطيني القديم، وإعادة بنائه بناء مسلحًا، لكنها ارتكبت - في نظري - خطأَيْن في حق الجامع، الأول: أنها اقتطعت منه بيتين للإمام والمؤذن، ووضعت دورات المياه مكان المدرسة الملاصقة له؛ وبذلك نقصت مساحة الجامع من جهة، ولم يستفد من مكان المدرسة في سعته من جهة أخرى. الثاني: أنها بنت الجامع بمخطط عادي متداوَل في الكثير من المساجد، بما لا يتواءم مع الجامع ولا مع بانيه (مؤسس هذا الكيان الشامخ).
ومن هنا كانت مطالبات أهالي المجمعة منذ سنين بإعادة بناء الجامع بالشكل اللائق، وعلى مساحته الأصلية قبل بناء البيتين فيها، الذي أدى إلى ضيق الجامع الذي لم يعد يستوعب مرتاديه؛ إذ أصبحت أعداد كبيرة من المصلين تؤدي الصلاة أيام الجمع على الأرصفة والطرقات تحت حر الشمس صيفًا، والبرودة والأمطار شتاء. ومن هنا فقد أمر الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله - بإعادة بناء الجامع، واعتماد مبلغ عشرين مليونًا لتنفيذ هذا المشروع. ولأن التنفيذ تعطل لبعض الظروف فقد واصل الأهالي مطالباتهم بمكاتبات لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - الذي أمر بسرعة بناء الجامع، وإنهاء الإجراءات المتعلقة بشأنه. وبالفعل، قامت وزارة الشؤون الإسلامية مشكورة بعمل مخطط جميل حضاري متكامل للجامع على جميع أرضه الأصلية، مكون من دورين ومنارتين وقبة بشكل يليق بمكانة صقر الجزيرة الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه -. ونأمل أن يتم إنجاز هذا المشروع في أسرع وقت.