غسان محمد علوان
انقضت الجولة الرابعة من دوري جميل السعودي للمحترفين، وتطايرت معها في هذه الفترة القصيرة رؤوس عدة لمدربين لم يتمكنوا من الاستقرار حتى الآن في بيوتهم الجديدة، فما بالكم بالاستقرار مع أنديتهم. دائمًا نلوم أنديتنا و إداراتها المختلفة على كثرة إقالة المدربين، وجعلهم شماعة لإخفاق النادي عندما يبدأ في الابتعاد عن الوصول لما يتمنى عشاقه. وفي حقيقة الأمر إن إقالة المدرب بحد ذاتها ليست هي المشكلة الحقيقية، وإنما الاختيار الأولي الذي تم للمدرب المقال هو لب المشكلة وجوهرها الحقيقي. ومتى ما تم التخلص من مسببات المشكلة الأولى ستتناقص تدريجيًّا لحد التلاشي المشكلة اللاحقة، لدرجة تتحول معها إقالة المدرب في منتصف الموسم إلى حدث استثنائي قليل الحدوث.
فاختيار المدرب عملية متعددة الخطوات، وليست مجرد عملية انتقائية بين أكثر من سيرة ذاتية موضوعة على طاولة الإدارة لاختيار الأجدر أو الأنسب منها. فقد يحصل في أغلب الحالات أن جميع الخيارات غير مناسبة، وإن كان حال بعضها أفضل من غيرها.
ومن الأمور الأساسية التي يجب أن تؤخذ بعين الحسبان طلباتك الداخلية كنادٍ في المدرب الذي تسعى للتعاقد معه. ما هي أهدافك؟ تحقيق البطولات في وقت قصير أم بناء فريق شاب قادر على تحقيقها بعد فترة متوسطة المدى؟ هل هناك نهج تكتيكي عام (دفاعي أو هجومي) ملازم لتاريخ النادي ومتوافق مع نوعية لاعبيه (أحجامهم، مهاراتهم، سهولة تقبلهم للتغييرات التكتيكية، معدلاتهم اللياقية الشخصية)؟ هل توجد في أفراد الفريق الحالي روح قتالية عالية كصفة فردية، يتشارك بها السواد الأعظم من اللاعبين، فتلغي بذلك البحث عن تلك الميزة في المدرب (لقلة أهميتها نسبيًّا بسبب نوعية لاعبيك)، وتركز في بحثك عن مزايا تسد نواقص أخرى، تزيد حاجتك إليها عما سبق؟
تلك الأمور التي يجب أن توضع على الطاولة أمام الإدارة، والتي يجب أن يكون تمثيلها الإداري ضئيلاً جدًّا في فريق العمل مقارنة بالتمثيل الفني. لا يعيب الإدارة أن تستشير من تثق بهم فنيًّا من خارج النادي، بل تضمهم لفريق العمل هذا. لا يعيب الإدارة أن تستأنس بآراء مدربيها الموجودين في النادي في الفئات السنية الأخرى، بل يكونون ضمن فريق العمل لاختيار أي مدرب في أي فئة سنية أخرى. والأهم من ذلك كله يجب وجود فريق فني متكامل يتبع للإدارة مباشرة، ويشرف على مختلف فرق النادي، ويكون مسؤولاً عن تعيين مديري الفرق الذين يملكون المزايا الفنية والإدارية التي تكفل لهم انضباطًا حقيقيًّا من اللاعبين، وعونًا فنيًّا ملموسًا للمدربين الذين لا يملكون المعرفة الدقيقة عن بواطن الأمور أو تاريخ اللاعبين التفصيلي، أو حتى تقاليد وأعراف النادي الذي استلموا دفة قيادته.
عملية تدوير المدربين ستظل مستمرة إلى ما شاء الله، طالما لم يتم حل أسبابها من أصلها الحقيقي.
خاتمة
الخبرة ليست هي ما يحدث للإنسان، بل هي ما يفعله الإنسان بما يحدث. (أرشميدس)