«الجزيرة» - الاقتصاد:
أكد مدير العمليات الدولية في شركة بي أيه إي سيستمز غاي غريفث أن السعوديين يمثلون نحو 68 بالمائة من إجمالي القوة العاملة لدى الشركة في المملكة، البالغة نحو5800 موظف، موضحا أن معظمهم مؤهلون تأهيلا عاليا، ويشغلون جانبا كبيرا من الوظائف التقنية والوظائف الإدارية والتنفيذية العليا.
وقال غريفث في حوار أجرته معه «الجزيرة» أن حجم مبيعات الشركة في المملكة يشكل حوالي 21 بالمائة من إجمالي مبيعاتها السنوية، في حين أن 30 بالمائة من أعمال صيانة وإصلاح طائرات التايفون تجرى في المملكة، عبر عدد من الشركات التي تستثمر فيها شركته، كما رحب برؤية المملكة 2030 متوقعا لها النجاح في تحقيق الأهداف المنوطة بها. وأعرب عن طموح الشركة إلى بذل المزيد من الجهود تجاوبا مع تطلعات هذه الرؤية، واتساقا مع أهدافها، ومن ذلك وضع استثمارات كبيرة في مجالات الإلكترونيات وتقنية المعلومات والهندسة الهيدروليكية والميكانيكية والتدريب، كاشفا عن أن لدى الشركة الآن خطة طموحة لزيادة هذه الاستثمارات.
وأضاف غريفث بأن الشركة تلاحظ توجها عاما بين عملائها، بمن فيهم عملاؤها بالمملكة، للاستفادة من التطورات المتسارعة التي يشهدها مجال التصنيع الحربي في تطوير وترقية المعدات والمنصات التي يستخدمونها، ما يجعلها تسعى لتطوير منتجاتها لكي تتناسب مع احتياجات العملاء في مجالات الطيران والمراقبة الذكية والاستطلاع.
نافيا ما تشير إليه بعض الدراسات حول أن الشركات العسكرية تشجع إذكاء الصراعات لدعم مبيعاتها، وقال:نبذل الجهود لتطوير قدرات الحكومات التي تثق بعملنا على حماية مواطنيها والدفاع عن مكتسباتها...فإلى الحوار: ...
غاي غريفث
* ما دوركم في مجال تطوير التصنيع ودعم الموارد البشرية بالمملكة خلال وجودكم بها الذي امتد لنحو نصف قرن؟ ما حصة السعودية من مبيعاتكم السنوية البالغة 50 بليون دولار؟
- حسب أحدث تقرير نشرناه عن أنشطتنا يمثل حجم مبيعاتنا بالمملكة نحو 21 بالمائة من إجمالي مبيعاتنا السنوية، وهي نسبة مقدرة بالتأكيد، وتدل على الأهمية التي نوليها لأنشطتنا بالمملكة. وقد بدأنا عملنا في دعم التصنيع في المملكة قبل خمسين عاما باستجلاب المعدات من مصانعنا بالمملكة المتحدة والولايات المتحدة، غير أننا طورنا إستراتيجيتنا منذ نحو عشر سنوات تقريبا، عندما بدأنا تصنيع معداتنا في المملكة عوضا عن استيرادها من قواعدنا بالخارج، وهي الإستراتيجية التي أطلقنا عليها اسم «إستراتيجية التصنيع».
ولا يخفي عليكم ما يعنيه هذا فيما يتعلق بدورنا في توطين التصنيع ودعم الموارد البشرية. فالسعوديون يمثلون نحو 68 بالمائة من إجمالي القوة العاملة لدينا بالمملكة، البالغة نحو 8500 موظف، ومعظمهم مؤهلون تأهيلا عاليا، ويشغلون جانبا كبيرا من الوظائف التقنية والوظائف الإدارية والتنفيذية العليا. وإذا أخذنا مشروع التايفون، على سبيل المثال، وهو المشروع الذي دخل في خدمة سلاح الجو السعودي في عام 2010م، ويعد من المشاريع الرائدة في مجال الطيران العسكري بالمملكة، نلاحظ أن السعوديين يشاركون في أعمال الصيانة والإصلاح اليومية، وهي الأعمال التي تضمن استمرار تحليق طائرات التايفون. وقد حققنا بذلك أعلى معدل سعودة بين الشركات العاملة في المملكة، ومنحنا الجائزة البلاتينية في السعودة، ورغم ذلك فإننا نشعر بأن ما قدمناه في هذا المجال ليس في مستوى طموحاتنا، ونأمل أن تتوسع أعمالنا لكي تشمل توظيف المزيد من الكوادر السعودية.
وفيما يتعلق بالتصنيع يكفيني الإشارة هنا إلى أن 30 بالمائة من أعمال صيانة وإصلاح طائرات التايفون تجرى هنا بالمملكة، عبر عدد من الشركات التي تستثمر فيها شركتنا، مثل شركة الإلكترونيات المتقدمة. ونتوقع أن تزداد استثماراتنا في هذه الشركات، وعددها خمس شركات، من النسبة الحالية البالغة 32 بالمائة من إجمالي حجم الاستثمارات في هذه الشركات إلى 60 بالمائة، وهي استثمارات تركز على الجانب التقني ونستهدف من ورائها الإسهام في تطوير البنية التحتية للصناعة في المملكة.
وبالإضافة إلى ذلك فإن دورنا في تطوير الموارد البشرية، وتشجيع الشباب السعودي على الاهتمام بالجانب التقني، كبير جدا. فنحن نستقطب الشباب السعودي من المدارس والجامعات لكي ينخرطوا في برامجنا التدريبية، ودربنا بالفعل نحو 2,500 سعودي لشغل وظائف الطيارين وأطقم الملاحة الجوية في الطائرات، وما يتجاوز نحو 10,000 سعودي لشغل وظائف المراقبة الأرضية ووظائف الصيانة والإصلاح.
* أعلنت المملكة عن رؤية طموحة أطلقت عليها الرؤية 2030م، مستهدفة منها تنويع الاقتصاد وخفض الاعتماد على النفط. ما تقييمكم لهذه الرؤية؟ هل لديكم مبادرات للمشاركة فيها؟
- نحن نرحب بهذه الرؤية التي أعلنها ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ونعتبرها رؤية في الاتجاه الصحيح، ونتوقع لها النجاح في تحقيق الأهداف المنوطة بها. وكما أشرت أعلاه فإننا نطمح إلى بذل المزيد من الجهود تجاوبا مع تطلعات هذه الرؤية، واتساقا مع أهدافها، كما أننا حريصون على دعم هذا التحول الوطني الهادف إلى تحقيق النهضة التنموية المرجوة بالبلاد. وفي سبيل ذلك وضعنا استثمارات كبيرة في الشركات الخمس التي أشرت إليها، وهي شركات تعمل في عدد من المجالات، مثل الإلكترونيات وتقنية المعلومات والهندسة الهيدروليكية والميكانيكية والتدريب، وغيرها من المجالات التي تستهدف تطوير قدرات المملكة في الجانب التقني. ولدينا الآن خطة طموحة لزيادة هذه الاستثمارات، ومنح المزيد من الدعم لهذه الشركات، لكي تؤدي دورها المنوط بها في تطوير التقنية وتعزيز خطط التنمية في إطار الرؤية 2030م، وتتجاوز بذلك أدوارها الحالية المحصورة في الدفاع، بحيث تغطي هذه الأدوار مجالات أخرى أرحب، وتسهم بنصيب أوفر في تطوير الاقتصاد السعودي وتوظيف المزيد من السعوديين.
ما إسهامكم في الخطة التي أعلنها وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان لتطوير التصنيع في المجال العسكري؟
- المملكة تتطلع إلى المزيد من الاستثمارات في الشركات الخمس التي أشرت إليها وغيرها من الشركات، هادفة بذلك إلى تطوير القدرات العسكرية للجيش السعودي، ونحن بدورنا لدينا اتفاقيات مع الحكومة السعودية لتنفيذ العديد من المشاريع عبر هذه الشركات، مثل مشروع سلام ومشروع التايفون وغيرهما من المشاريع.
يشهد مجال التصنيع الحربي الآن تحولا نوعيا بفضل التطور الهائل في مجال تقنية المعلومات، التي نقلت المنافسة في هذا المجال إلى تصنيع القطع العسكرية الذكية عوضا عن القطع التقليدية، فهل دخلنا الآن عصر الجيوش الذكية؟
- في هذا الجانب لا بد من الإشارة إلى أن الأنشطة التي نمارسها في المملكة من خلال الشركات التي نستثمر فيها تهدف إلى تأمين سلامة المنتجات التي نقوم بتوريدها إلى المملكة. فشركة الإلكترونيات المتقدمة، على سبيل المثال، تنفذ أعمال الصيانة والإصلاح لطائرات التايفون العسكرية، وبالتالي تأمين سلامة هذه الطائرات أثناء تحليقها. ولذلك فنحن نبذل قصارى جهدنا لضمان جودة الخدمات التي نقدمها والتأكد من أنها مستوفية لشروط الجودة حسب أحدث المواصفات العالمية المعمول بها في مجال الطيران.
ونحن نلاحظ توجها عاما بين عملائنا، بمن فيهم عملاؤنا بالمملكة، للاستفادة من التطورات المتسارعة التي يشهدها مجال التصنيع الحربي في تطوير وترقية المعدات والمنصات التي يستخدمونها. ولذلك فإن شركتنا تبذل جهودا كبيرة لمواكبة هذه التطورات، بتطوير منتجاتها لكي تتناسب مع احتياجات عملائنا في مجالات الطيران والمراقبة الذكية والاستطلاع. ولا يخفى عليكم أن القوات الجوية الملكية السعودية، وغيرها من عملائنا في المنطقة، على دراية تامة بالتطورات الكبيرة التي يشهدها مجال الطيران العسكري، ويعملون معنا لتكوين شراكات لتطوير التقنيات بالتعاون مع الجامعات وشركات التقنية السعودية.
* هل لديكم إسهامات في مجال المسؤولية الاجتماعية تتناسب مع إسهاماتكم الكبيرة في مجال التصنيع العسكري؟
- المسؤولية الاجتماعية ذات جوانب متعددة، ومن الأنشطة المهمة التي نمارسها في هذا المجال تقديم خدمات التعليم والتدريب في عدد من المجالات التقنية المهمة، مثل مجالات الهندسة والعلوم والرياضيات، وهي المجالات التي نسعى من خلالها إلى تطوير الكفاءات السعودية، وتشجيع طلاب الجامعات والمدارس السعودية لتطوير مهاراتهم في هذه المجالات.
* ما دوركم في دعم التعايش السلمي ونبذ الصراعات في أنحاء العالم المختلفة؟
- نحن نعتقد أن ما نبذله من جهد في مساعدة الحكومات على الدفاع عن مصالحها وتأمين حدودها يصب في هذا الإطار. ففي كافة أنشطتنا في مختلف الدول التي نعمل بها نحرص على التقيد بقوانين وأنظمة هذه الدول، وتقديم أفضل المنتجات التي تؤهل حكوماتها على أداء الدور المنوط بها في حماية مواطنيها.
* يرى العديد من الخبراء أن أي شركة عسكرية مثل شركتكم لها مؤشراتها التي تعمل وفقها لقياس معدل الاستقرار في مناطق العالم المختلفة. ما تقييمكم لمستوى الاستقرار على النطاق العالمي، وفي منطقتنا بصفة خاصة؟
-نحن لدينا إستراتيجيات لمراقبة تطورات الأحداث على كافة الأصعدة التقنية والجيوبولتيكية في المناطق التي نتجه للاستثمار فيها. وفيما يتعلق بالجانب العسكري نعمل بالتنسيق مع عملائنا للتعرف على احتياجاتهم والإسهام في تطوير قدراتهم العسكرية وفق هذه الاحتياجات.
* المملكة لديها خطط للتوسع في خدمات الطيران المدني، فهل تعتقدون أن مستقبل المملكة في هذا الإطار واعد؟ وهل لديكم مشاريع في هذا المجال؟
- نحن مهتمون بصفة خاصة بالجانب الدفاعي، ونحو 91 بالمائة من إيراداتنا تأتي من هذا الجانب، بالإضافة إلى اهتمامنا بالإلكترونيات وتطوير أجهزة التحكم والتوجيه والترفيه وغيرها من الأجهزة المستخدمة في الطائرات، وهي اهتمامات نعمل على تطويرها حاليا، غير أننا لم ندخل بعد في مجال إنتاج الطائرات التجارية.
* ما الحلول التي تقدمونها في مجال حماية شبكات الإنترنت في الدول التي تعملون بها، حيث لا يخفى عليكم دور الإنترنت في مجالي الدفاع والأمن؟ هل لديكم مشاريع لتطوير خدمات الإنترنت في المملكة؟
- أنشطتنا في هذا الجانب تتركز على مجالين متوازيين. فنحن نقدم حلول الحماية الإسفيرية للحكومات، بهدف مساعدتها على التعرف على المهددات التي تواجهها، مثل مهددات الإرهاب والجريمة المنظمة والتزوير وغيرها، كما أننا نقدم حلول البرمجيات وأدوات تحليل البيانات للشركات التجارية التي تود حماية أنظمتها ومعلوماتها. هذا المجال من المجالات التي تشهد تحولات كبيرة حاليا، ونعمل على مواكبتها وتقديم الخدمات ذات الصلة بها لكل من الشركات والحكومات.
* تشير العديد من الدراسات إلى أن الشركات العسكرية تشجع إذكاء الصراعات لدعم مبيعاتها. ما تقييمكم لمثل هذه الآراء، باعتبار أنكم تقودون إحدى كبريات الشركات في مجال الدعم العسكري؟
- مثل هذه التحليلات غير صحيحة، ولم أسمع بها، وأعتقد أن النقيض هو الصحيح. فنحن نبذل الجهود لتطوير قدرات الحكومات التي تثق بعملنا على حماية مواطنيها والدفاع عن مكتسباتها، وهي جهود نعتقد أنها تسهم بدور كبير في الحد من النزاعات وكبح جماح التوترات في أنحاء العالم المختلفة.
* هل يتجه العالم الآن نحو الحروب الإلكترونية عوضا عن الحروب التقليدية؟ هل تفضل الحكومات مثلا شن الهجمات الإسفيرية بدلا من الدخول في المواجهات العسكرية التقليدية؟
- أعتقد أن هذه التساؤلات لها ما يبررها. فالهجمات الإسفيرية الآن في تصاعد، والحماية الإسفيرية أصبحت من المتطلبات التي ترصد لها الآن ميزانيات كبيرة. ولا أعني بذلك حماية الأنظمة وحسب، بل حماية الأصول أيضا. في اعتقادي أن المهددات في هذا الجانب كبيرة، ونحن في شركتنا نبذل الجهود للتجاوب مع احتياجات عملائنا ومساعدتهم على سد الثغرات.