د. حسن بن فهد الهويمل
ما سأبوح به مجرد تساؤل، واستبانة. وليس انتصارًا لمأرز الإيمان، وأرض المقدسات، ومهوى أفئدة المسلمين في مشارق الأرض، ومغاربها «المملكة العربية السعودية». وإن كان نصرها واجبًا على كل من لزم المحجَّة، وامتلك الحُجَّة.
أنا سلفيٌّ بالاختيار، لا بالإجبار، وبالاجتهاد، لا بالتقليد. وعلماء السلفية عندي منذ القرون الأولى، وحتى تحبير هذا المقال، ليسوا فوق المساءلة، ولا النقد، ولا التقويم. تمشيًا مع:- [كلٌّ رادٌ ومردودٌ عليه، إلا صاحب هذا القبر] يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم. أو كما قال إمام دار الهجرة، رحمه الله.
وما رضيت لسلفيتي أن تلتف بعباءة أحدٍ، كائنًا من كان، ولا أن تصنم أحدًا مهما عظم أثره، ولا تدّعي العصمة لأحد، مهما كثر مزكُّوه.
ولأنّ بإمكاني قراءة فيوض المذاهب، والملل، والنِّحل فإنّ مسؤوليتي المعرفية تخوِّلني التحفظ على كل من لا أقتنع بقوله، وإن كان من شيوخ الإسلام كـ[ابن تيمية].
ولا يثنيني عما أرى إلا نَصٌّ قطعيّ الدلالة، والثبوت من كتاب الله، أو حديث رسوله الصحيح.
فالنص الصحيح، لا يتعارض مع العقل الصريح. وكيف يُتَوَقَّعُ التعارض، والقرآن كلام الله. والرسول لا ينطق عن الهوى.
الشيء المؤكد أنّ الفقهاء، والمفسرين، والمحدثين والمتكلمين والدعويين يَرِدُونَ حياض النَّصَّين التشريعيين، على مختلف مستوياتهم العلمية، والفكرية، واتجاهاتهم المذهبية، وما هم عليه من أنساق ثقافية، وتفاوت في الأفهام، وفي القدرة على الاستنباط، ودقتهم في تنزيل الأحكام على الوقوعات، وتعاقب الأتباع، والأشياع على تشقيق المعاني، وتأويل النصوص. الأمر الذي يحل النص الرديف محل النص الأصلي.
وهذا التطاول في التداول يبعد النجعة عن مقاصد الإسلام، وعندها يهيئ الله من ينفي عن الدين الصحيح تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين. كما في الحديث المصحّح. وهؤلاء هم المجددون الذين أخبر عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:- [يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ]. وهم علماء السَّلف الذين يحلم المتآمرون في [الشيشان] تصفيتهم.
فالتجديد في الدين، يعني العودة إلى صفاء البلاغ في النصين: القرآن، وصحيح السنّة. وهذا مذهب السلف الصالح المنفي في مؤتمر الضرار، وليس ما يدعيه الجهلة المتعالمون، والمتعلمنون تحت غطاء دوران الحكم مع الرغبة، والمصلحة.
وحين أكون سلفيًا بهذه المواصفات، وتلك الضوابط، ثم لا يكون لي مكان بين القوم المؤتمرين لتحديد [أهل السنّة والجماعة] يكون من أضعف الإيمان أن أتساءل عن موقع عشيرتي.
ولاسيما أن توصيات المؤتمر صنّفتني ضالًا. وليس هناك، - والحالة تلك - ما يمنع من تصفيتي جسدًا، بعدما صفاني المؤتمر سمعة.
ما يزيد اعتقادي بفشل المؤتمر، وبدوِّ سوءات المؤتمرين المتآمرين أن مئات الملايين من المسلمين سُحِبت هويتهم الإسلامية، ونفوا من أرض الإسلام. وهيئت مساكنهم لضربات المتآمرين، ظنًا منهم أن التصفية لأهلَ [السنّة والجماعة] الحقيقيين من السهولة بمكان القضاء عليهم، وتخلية المشاهد للروافض المجوس، والمتصوفة القبوريين، ولمن هم على شاكلتهم من مؤلهة الأهواء، ومحكمة الشهوات، والقابلين للتبعية.
لقد ثارت ثائرة الغيورين على سائر القيم السلفية، وغير السلفية، وظنوا أن هذا التجمع بداية النهاية لكل من هو على ما كان عليه [محمد وأصحابه].
ومع هذا فأنا لست مستخفًا بمثل هذه المحاولات البائسة اليائسة، ولكنني أعرف أن للدين الحق ربًا يحميه، كما أن للبيت العتيق ربًا يحميه:- {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}.
تذكرت وأنا أتابع خطوات هذا المؤتمر المريبة ما كانت تفعله حُثالة من الفنانين، وزبالة من الفلاسفة في فرنسا، تحت مسمّى [الدادية] وهي كلمة أخذوها بطريقة عشوائية من [القاموس الفرنسي] وتعني [الحصان الأرجوحة].
ومؤدّى هذا المصطلح الذي شاع ذكره، وتبنّاه اليهود في [ألمانيا] لمواجهة [النازية] يقوم على [الانحلال، والإباحية، والفوضوية، والسلبية، والعدمية، والتخريبية].
وتلك حقائق لم أقلها، بل تداولها عدد من المفكرين الغربيين، قبل أن أكون شيئًا مذكورًا.
[مؤتمر الشيشان] لا يختلف كثيرًا عن تلك [التقليعات] المخمورة، الناسلة من رحم القنوط، واليأس، والإحباط. لأنه نقض صريح لمؤدَّى قوله تعالى:- {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}.
والمؤتمر المؤامرة مؤازرة غبية، وغير سوية للحروب المدمرة التي يخوضها [الروس] والمتذيلون من شيعة العرب لروافض المجوس، ضد أهلهم، وعشيرتهم الأقربين.
إنه مؤامرة لا مؤتمر، لتمزيق [أهل السنّة، والجماعة]، والْفَتِّ في عضدهم. نهض به صوفي، قبوري خرافي متملِّق، لإفراغ الإسلام الحقيقي من محتواه، والتمكين لكل مبتدع من تغريب الإسلام، وتمكين الأعداء من رقاب المسلمين.
الغباء المعتق، والقابلية للتبعية تلبّست بها طائفة من أصحاب الملل، والنِّحل الطارئة، التي استدرجت الجهلة منهم إلى الطعم المسموم، الذي أجاد صُنْعة لفيف من أعداء الإسلام النقي. فتولَّد عنه [خداج مبتسر] تعلق به السرابيون، مثلما تعلق الشيعة بصاحب السرداب.
عتبي ليس على [الجفري] الذي خرج في الأمة ليزيدها خبالًا، ويُسْرِعَ خلالها، يبغيها الفتنة.
وليس على [رمضان قدروف] العميل الروسي المتصوف، والناكر للجميل.
وليس على سائر الأوباش النكرات الذين لا وزن لهم، ولا قيمة.
عتبي - إنْ كنت من المعتبين - على شيخ الأزهر [أحمد الطيب]، ومفتي مصر السابق [علي جمعة]، والمفتي الحالي [شوقي علام]، ومستشار الرئيس [أسامة الأزهري] الذين هرولوا استجابة لدعوة [طابة]، فكأنهم إلى نصب يوفضون. لقد دنَّسوا مواقعهم، وأذهبوا ريحهم، بهذه التبعية الذليلة المذلة.
فـ [الأزهر] بكل شموخه، وأثره المعرفي بيع بثمن بخس، وزجّ به في مستنقع التآمر المكشوف، ورضى رموزه أن يكونوا ظهيرًا للمجرمين.
لقد تذكرت سخرية [جمال عبدالناصر] بالأزهريين، والأزهر عندما قال:- [أستطيع الحصول على فتوى من الأزهر بفرخه]. لقد فقد الأزهر مصداقيته، ومعنويته بهذه المغامرة.
إنّ تسييس سائر المؤسسات الدينية متوقع، وولاءها لقادتها مطلوب، ولكن ذلك كله بمقدار، على سنن:- {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}، فالاستجابة حين تكون الأمور في إطار الاختلاف المعتبر، أو حين يقصد منها جمع الكلمة، ودرء الفتنة. أما هذا المقترف فليس له ما يبرره.
- يتبع -