نوف بنت عبدالله الحسين
(أجمل النساء ثلاث: أمي وظلها وانعكاس مرآتها)
خبران خليل جبران
تفوح الفانيلا في أرجاء المنزل.. معلنة عن خلطة الحب السرية... التي تسكبها أمي في خليط كيميائي ممزوج بالكثير من إحساسها.. والقليل من الفانيلا... تلك الرائحة العالقة بذاكرتي.. الذاكرة الحلم.. وكأنها غبش من ماضٍ بعيد.. يفاجئك بانسياب العمر.
أرقب حركتها وهي تخفق المكوّنات ببراعة عجيبة.. أرفع أطراف أصابع قدمي لألعق ما تبقى من الخليط السحري.. يتطاير من حولي الدقيق كإكليل من ضوء القمر... وتتشكل القوالب كزهور من الكعك اللذيذ.
قطعة من الجنة سنتذوقها بعد قليل..
تطيل الرائحة من وقت الانتظار وتزيد من وقت الترقب اللذيذ... تشهد الفانيلا على التفاف الأسرة حول كعكة الحب التي صنعتها أمي لتضمّنا حولها برائحة الفانيلا.. يا رائحة أمي... يا طعم الحلوى والسكر.... أقضم قطعة من الكعك وقت الأصيل عندما كان أصيلاً.. أستشعر بركة الوقت.. وأنا أقضمها على مهل.. وأتذوق حبيباتها.. متسائلة كيف تحوّل هذا الخليط لشيء مبهج ولذيذ ذي رائحة أخاذة عجيبة... يصحب هذه اللحظة صوت مقدمة مسلسل هايدي الجميلة.. وتتقافز أمامي تلك الذكريات البهيجة... كلما شممت رائحة الفانيلا.... شكراً أمي لخلق رائحة صنعت ذكريات الطفولة.. لتعيدني لذلك الزمن الذي لم يعد موجوداً سوى في ذاكرتي وإحساسي.