د.زيد محمد الرماني
إن هناك عدداً من المؤشرات التي تعكس واقع صناعة السياحة في المملكة، ففي عام واحد بلغت عوائد هذا النشاط نحو 2 مليار دولار تمثل ما نسبته 1 % من الناتج المحلي الإجمالي للعام نفسه.
كذلك بلغ عدد العمالة في هذا القطاع خلال العام نفسه نحو 300 ألف عامل، يشكل ما نسبته 5 % من إجمالي عدد العمالة في المملكة.
كما بلغت قيمة رأس المال المستثمر في الأنشطة السياحية 1.17مليار دولار خلال ذلك العام.
لذا، تؤكد المؤشرات على إمكانية تطور الطلب على السياحة بالمملكة خلال السنوات القادمة في ظل الأنظمة الجديدة.
وتمثل الشراكة أداة مهمة وركيزة أساسية لتطوير صناعة السياحة، حيث تتطلب هذه الصناعة المميزة بالعلاقات المترابطة مع قطاعات أخرى اتباع مناهج وآليات غير تقليدية تتجه نحو الشراكة بين الأطراف ذات العلاقة والاهتمام المشترك.
من هنا فقد بادرت الهيئة العليا للسياحة ومنذ إنشائها على إرساء وتفعيل وترسيخ الشراكة كآلية معتمدة لتحقيق الرسالة والرؤى، وكأداة لتنفيذ الأهداف التي تم إقرارها لخطة تنمية السياحة المستدامة وطنياً.
وتتسم الأهداف التي تسعى الهيئة إلى تحقيقها من مشاريع الشراكة الراهنة والمستقبلية بالطموح، كما أنها تصب في جانب الرؤى التي حددتها الدولة لدور السياحة في المجتمع والاقتصاد السعودي وتتناسق مرحلياً مع متطلبات الخطة الاستراتيجية لتنمية السياحة المستدامة.
وتضم نماذج الشراكة الفعالة جهات وأطرافاً منها: المجلس الاستشاري والمجموعات الاستشارية للهيئة والقطاع الحكومي ( مجلس الشورى والوزارات والمناطق) والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة.
وتعد الشراكة في مجالات السياحة من أبرز المجالات المدرة للدخل في العديد من دول العالم وأفضلها، من خلال استثمارات المكان والزمان، بمعنى بيع خدمات المكان والزمان للمستفيدين. فقد بلغت عائدات السياحة في عام 2000م لدول العالم 476مليار دولار وفقاً لإحصاءات منظمة السياحة العالمية.
وتشير توقعات منظمة السياحة لعام 2020م أن دول الشرق الأوسط ستشهد نمواً مرتفعاً في السياحة يبلغ (7.7 %) سنوياً، علماً بأن المعدل العالمي (4.1 %) ويكون بذلك أعلى معدل متوقع بالنسبة لجميع مناطق العالم.
وبالرغم من هذا فإن المملكة لا تزال في مرحلة الإعداد لدخول هذه الصناعة، حيث تشير بعض الإحصاءات إلى أن الإنفاق السعودي على السياحة الخارجية بلغ 55 مليار ريال تقريباً خلال عام 2000م بينما يقدر مجلس السياحة والسفر العالمي أن عوائد المملكة من السياحة بلغت 6.75مليار ريال في العام نفسه. أيّ أن هناك عجزاً في ميزان المدفوعات السياحية.
ومن هنا تأتي أهمية النظر في تفعيل صناعة السياحة الوطنية حيث تمتلك المملكة ولله الحمد مقومات دينية وبيئية وطبيعية تخولها أن تأتي في صدارة الدول المصدرة للسياحة. ولا يخفى على أحد أهمية دور القطاع الخاص في تفعيل هذا المجال من خلال الاستثمار في قطاعات السياحة المختلفة.
وغير خافٍ أنه يتوافر بالمملكة كل متطلبات إنجاح إقامة سوق سياحي متطور. وهنا ألمح بإيجاز إلى أبرز المحددات الشرعية والاقتصادية والاجتماعية للسياحة في المملكة العربية السعودية، من خلال الآتي:
(1) تتميز المملكة بخصوصية فريدة، وهي أنها مهد الرسالة الإسلامية، وموطن الأماكن المقدسة، ومقصد الحج والعمرة والزيارة لأكثر من ربع سكان الأرض، أو ما يقارب 1.5بليون مسلم وهو ما يجعلها في موقع لا ينافسها عليها أحد في مجال تطوير سوق سياحي ضخم يقوم على أساس الاستغلال الأمثل لهذه الميزة الفريدة في بناء قطاع سياحي يتميز بقدرته التنافسية العالية على احتلال مواقع متقدمة داخل سوق السياحة العالمية.
(2) وجود آثار تاريخية إسلامية غير متاحة في أي مكان آخر في العالم، يوفر للسياحة في المملكة مقوماً رئيساً للجذب السياحي.
(3) قطاع السياحة في المملكة يمثل مصدراً حيوياً متجدداً يمكنه المساهمة بصورة فاعلة في تنويع هيكل الاقتصاد ومصادر الدخل الوطني.
(4) قطاع السياحة في المملكة يسهم في تنمية المناطق الريفية والصحراوية ورفع مستوى معيشة سكانها الذي يؤدي بدوره إلى الحد من الهجرة إلى المدن الكبرى وما يسببه ذلك من عدم توازن تنموي.
(5) يمثل قطاع السياحة أحد أهم مصادر التوظيف على المستوى المحلي.
(6) تطوير القطاع السياحي يؤدي إلى إحداث نمو وتطور متزامن في التجهيزات الأساسية.
(7) الاستثمار في السياحة يوسع من الفرص الاستثمارية المتاحة للقطاعات المختلفة كقطاع المقاولات وقطاع الصناعة والخدمات المتصلة بالسياحة.
لذا، تسعى برامج الشراكة إلى تنسيق الجهود المبذولة من قبل المسؤولين والمستثمرين والمجتمعات المحلية والإمارات والمحافظات والبلديات في المجال السياحي وتوحيدها وكذلك إلى دعم جهود القطاع الخاص والمناطق في تخطيط السياحة وإدارتها وتطويرها.