إن الوطن يبقى مهما كانت طريقته في إشباع حاجات مستوطنيه؛ حبٌ ممتد عبر الذاكرة الإنسانية لا يقل ذلك الحب لدرجة الزوال مهما قلّت إشباعاته فما بالكم والحال كذلك في تلك الأوطان التي تجتهد أيما اجتهاد في إشباع حاجات أفرادها وتعمل ليل نهار على توفير الأمن والأمان وترسم آفاق المستقبل كما هو في وطننا المبارك. وبمناسبة ذكرى اليوم الوطني لوطننا الحبيب؛ المملكة العربية السعودية فإنني أؤكد على أهمية إيلاء مسألة الأمن في الوطن أهمية عالية نظرا لما مرّ به المجتمع من جرائم متكررة تريد أن تنال من أمنه كما حصل في شهر رمضان الماضي في المدينة المنورة وجدة والقطيف وكذلك تلك الجريمة الشنيعة التي هزت الرياض هزا بل إنها هزت جميع أنحاء الوطن وتجاوزته إذ القواسم الإنسانية تُجْمع على استهجان تلك الجريمة في أنحاء هذا الكون الفسيح لا سيما وتلك الطريقة الداعشية التي نفّذ فيها التؤأم جريمتهم في جناب الأم الرؤوم, هذا طبعا غير الحرب المباشرة في اليمن وعدم الاستقرار في سوريا وأوضاع العراق وما أدراك ما العراق!؟. وإن المدركات التي يؤمن بها الصغير قبل الكبير أن من أهم الحاجات التي يأمل الحصول عليها الأفراد في المجتمعات هي حاجة الأمن والأمان إذ تتكسر وتنقطع وتضحمل دونها كل الحاجات فلا يستقيم تعليم ولا تنمية ولا صحة ولا كسب قوت ولا أسرة بلا توافرها. وإني أتصور بأن مرور هذا اليوم الوطني فرصة مهمة للتذكير بأهمية فاعلية المواطن في دعم الأمن في الوطن.
حبٌ واستذكار وولاء وانتماء
إن الاحتفاء هذا العام باليوم الوطني لمملكتنا الغالية مع ما تمر به منطقتنا العربية بعواصف لا تهدأ وحمم تفور وزلازل لا تكاد تتوقف يستوجب علينا ونحن في هذا العام وفي هذا اليوم أن نجدد ولاء الطاعة لقيادتنا المباركة ممثلة في رجلها العبقري وقائدها الحازم الفذ خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وولي ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وأن نستذكر أهمية أن نكون كلنا بجميع أطيافنا وثقافاتنا وتصوراتنا على قلب رجل واحد في وجه كل من يريد العبث والمساس بأمن وطننا المبارك ثم إنه مما يجب أن نستذكره ونذكّر به بحيث لا يغيب عن الذاكرة المؤسس الملك الراحل عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود والذي أعلن قيام المملكة العربية السعودية في عام (1351هـ- 1932م) فرحمه الله رحمة واسعة وأجزل له المثوبة. وإذا كانت النظرية الاجتماعية هي أداة من أدوات تفسير الظواهر الاجتماعية وكلنا نشاهد ونعايش هذا اليوم وهو كذلك يعايشنا, فإني أحب أن أتناوله بقراءة سوسيولوجية على مستوى الميكرو سوسولوجيا/ما يتعلق بحياة الأفراد كفاعلين اجتماعيين وإن كانت الأمور ذات ترابط بشكل أو بآخر على مستوى الكبير/ الماكروسوسولوجيا. ولذلك فإننا نريد أن ننظر إلى اليوم الوطني كفاعلية إنسانية تحمل في عمقها بدء دورة جديدة للفرد السعودي/المواطن كي يساهم بوعي تام بصناعة وطنه؛ بحب ووفاء وبذل وعطاء نعم إنه الوطن فما أكبر حقوقك أيها الوطن.
القراءة الأولى: الإطارات الفكرية
إننا ونحن نشاهد هذا اليوم المبارك نستحضر بأن الفرد لا ينفك أبدا من إطار/إطارات فكرية يتحرك من خلالها وإن من الأشياء الجميلة التي بدأنا نلمسها خلال السنوات الأخيرة هي اختفاء الدوجماطبقية وتراجعها بشكل كبير فيما يتعلق بموضوع اليوم الوطني وأعني بالدوجما: الاتجاه المغلق المتمسك بحرمة التفاعل مع ظاهرة اليوم الوطني وما كان ذاك ليكون لو لم تكن هناك هدف واضح ومناشط لا بأس بها في كسر ذلك الاتجاه المغلق ونحن هنا لا ننظر إلى مجموعة أفراد ما زال لها رأي وما زالت تتمسك به ولكن ننظر إلى فئام الناس وإن كنا ما زلنا نؤمل بأن يكون التفاعل أكثر كفاءة وأعلى شأنًا وألا يكون نصيبنا من ذلك فقط الإجازة الرسمية. إننا نريد مراجعة الإطارات الفكرية وأدبيات التفاعل في المدارس تحديدا مما يجعلنا نضمن أن تتجاوز اللاتفاعل إلى التفاعل والنمطية إلى اللانمطية نعم نحن نشاهد من وزارة التعليم جهدا في الميدان ودورا في المدارس فشيء من مظاهره موجود والأعلام خفاقة ولكننا نريد أن نستبين من الوزارة بما أن المناسبة متكررة كل سنة؛ هل هناك يا ترى خطة واضحة ومرسومة بعناية وتكون ملزمة لجميع المدارس بحيث تساعد الميدان التعليمي على تجاوز اللاتفاعل والنمطية المؤذية والمقيتة والتي قد تعطي قراءة لبعض طلابنا خاطئة! ومن جانب آخر هل لدينا تلك الخطة ما يجعلنا نرى امتدادا بيّنًا وواضحًا على سلوكيات أبناءنا الطلاب من خلال مواقفهم في الشارع وطريقة تعاملهم مع بائعي المتاجر ومن خلال قيادتهم لسياراتهم وقل تعاطيهم مع الحياة بشكل عام؛ ومن ذلك احترامهم للوطن كقيمة فاعلة وليست خاملة. نعم يا وزارة التعليم إنه هؤلاء الطلاب في محاضنكم اليوم؛ وهم يقضون ساعات طوال في أهم معامل المجتمع المكوِّنة لشخصياتهم وهم قائدو المستقبل وعلماء الغد وفاعلين التطور والانتقال إلى بوابات العلو والترقي ويحق لنا أن نطرح تساؤلا آخر وهو: ما هي الرسائل الواضحة لديكم وتريدون أن توصلوها إلى وعي الطلاب لتبقى في فضاء الوعي الجمعي ليس لهم فقط بل للوطن ككل -مواطنين ومقيمين-؟ وكم هو عددها!!؟ وما هي الطريقة في قياس أثرها؟ إن اليوم الوطني هو احتفالية وطن فكيف لا يكون لدينا إعداد محترف لهذا اليوم ولهذا الوطن!؟ وإن كان موجودا فإننا نأمل أن يعلن عنه فما نحن وأنتم إلا فريق واحد يسند بعضه بعضا, ثم إن الجميع يدرك الفرق ما بين (التخطيط) كتخطيط و(التعميم) كورقة ترسل ويتحمل المسل إليه مخالفتها إن وقع في المخالفة ثم إن التخطيط فيه روح ونور وإرادة وعمل دؤوب وغاية ما في التعميم السلامة من المسألة وشيء من التظاهر الإعلامي. إنها مناسبة تتكرر كل سنة والطلاب يدرسون بين أيدكم كل سنة فأين الإعداد والاستعداد؟ وأين الإمداد والامتداد؟ وأين الأثر والنتيجة؟ طبعا هذه التساؤلات لا أسوقها مساق الاتهام أو التشكيك بجهود يتم بذلها وإنما غاية الأمر مزيد استبصار وذكرى للذاكرين وهؤلاء هم أبناء الوطن أجمعين والوطن يستحق إثارة مثل هذه الأسئلة لمزيد تماسك وقوة صف. إنه يوم كبير فلا بد أن يكون الإعداد له أيضا على كبر حجمه وإننا كلنا أمل بأن تتفاعل الوزارة لتعلن لنا عن خطة واضحة ومتكاملة في هذا اليوم وليعلم القائمون عليها بأننا بهذا الشكل نذهب إلى العمق. إنها القيم التي تغرس ثم يتلذذ (الطلاب والوطن) بهذا الغراس الطيب الذي سيؤتي أُكُلهُ يوم حصاده.
القراءة الثانية: نحن المستقبل
إن ثلاثية أبعاد الزمن هي (الماضي والحاضر والمستقبل) ومن المتأكد بين العالمين أجمعين بأن المستقبل إنما يكون بتحسين وتجويد الحاضر/الآن. والسؤال الذي يمكن أن يطرح هو: كيف نحن الآن مع؛ الآن؟ أو قل كيف نحن مع الحاضر فيما يتعلق بالوطن؟ هل نحن نحقق رقيّه أينما ذهبنا وحيثما اتجهنا وفي كل أعمالنا وفي شتى مجالاتنا إذ ينبغي ألا يغيب عن ذهن الموظف وهو يقدم خدمته لمراجعيه بأنه بتجويده لعمله هو يخدم الوطن ويحقق الوطنية الأمر الذي يعود عليه وعلى الجميع بالنجاح وكذلك ألا يغيب عن العسكري وهو يذب عن حياض وحدود الوطن أو يقف في شوارعه بأن تجويده لعلمه هو الوطنية بعينها وقل نفس الشيء عن المعلم في فصله والطبيب في عيادته والصيدلاني في مختبره والقاضي في قضائه إذن كل ذلك يحقق الوطنية وهذا التحقيق يتضمن في داخله الإعداد للمستقبل الواعد. ونحن بشكل أو بآخر مرتهنون بواقعنا الاجتماعي ولنا الأثر في تغييره وتعديله وتضبيطه وهذه هي المشيئة الإلهية والنافذة بلا شك أو ريب ما استيقظنا ووعينا لذلك أو ليس يقول الحق سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} ، إذن حتى يتغير واقعنا الاجتماعي الذي نعبر عنه أحيانا بالسلب فلا بد أن ندرك أن هذا التغير لن يتم ويحدث في الواقع إلا إذا غيرنا الشرائح النفسية لنا واستبدلناها بشرائح جديدة من الوعي والجدية والحب والعطاء والتكافل والولاء والانتماء والأعمال المتقنة والإحسان والقائمة تطول في ذلك، وتركنا في مقابل ذلك كل الصفات السالبة/السلبية التي يمكن أن تعرقل وتعطل المستقبل. يقول الفيلسوف كارل بوبرفي حديثه عن المستقبل المفتوح: (إنه غير محتم سلفا, ولهذا لا يمكن التنبؤ به اللهم إلا عرضا والإمكانات التي يحملها المستقبل لا نهاية لها وحين أقول إن واجبنا أن نظل متفائلين فإن هذا لا يتضمن انفتاح المستقبل فقط بل أيضا أننا جميعا مساهمون في صنعه بكل ما نفعله نحن جميعا مسؤولون عما يخبئه المستقبل بين طياته وعلى هذا لا يكون واجبنا هو النبوءة بالوبال الآتي بل هو بالأحرى النضال من أجل عالم أفضل). وهذا ما يجب أن يدركه جميع المواطنين بأن علينا أن ندرك أن المستقبل مرتبط بنا وبشرائحنا النفسية كما ذكرت سابقا. فالله الله أيها السادة والسيدات موظفين -كل حسب وظيفته وموقعه وتسلسله الهرمي- وغير موظفين بالإحسان في أعمالكم كل الإحسان وأتقنوها كالإتقان فإن ذلك ينعكس على الجميع مجتمعا وأفرادا واعلموا أن ذلك الإحسان والإتقان والحب والولاء هي بوابات مستقبلنا القادم أجمعين.
القراءة الثالثة: النسق الخطابي
إننا بحاجة وبشكل أكثر من ذي قبل إلى بناء/تكوين مشروع يكون النسق الخطابي فيه واضحا وجليا ذي أفكار منسجمة ومتناغمة/متوازنة وقاعدة صلبة منطلقين من الوعي بالوعي للوعي لإيجاد أفراد أقوياء بنضجٍ، وصالحين بلا دوجماطبقية، وفاعلين بلا توتر, ومحافظين بلا غلو وتطرف, وهذا ما يجب فيما تصوري أن تحمله في الفترة القادمة مجموعة من الوزارات والجهات ذات الاهتمام كوزارة التعليم والشؤون الاجتماعية والإعلام والدعوة والشؤون الإسلامية ووزارة الداخلية على أن لا يكتفي بجهود الأخيرة وكأنها هي المعنية الوحيدة في محاربة الأنساق الخطابية المتطرفة وكبْتها وملاحقتها؛ نعم نحن بحاجة لها ولكن ليس وحدها ونحن بحاجة إلى حلولها الأمنية ولكن نريد تأسيس نسق خطابي قوي يكون فيه من العمق ما يضمن لنا ألا يكون من بيننا من يردد أهمية اليوم الوطني فقط لغلبة التيار المؤيد له بل نريد تجاوز ذلك بحيث إننا نريدهم يتحولون إلى فاعلين ولن تتم هذه الفاعلية إلا بالقناعة ولن تأتي القناعة إلا إذا أوجدنا ذلك النسق الخطابي المتوازن على تأكيد أننا لا نريد تلك الجهود من تلك الجهات المذكورة سابقا ليكون فقط درجة مبلغها اليوم الوطني؛ كلا إنما هو نشاط في حزمة من الأنشطة الواعية المستهدفة التي يتم التنسيق بينها كلها بعقد جامع ونظام واضح ساطع يزداد نورا وهداية وتوفيق وكفاية وبركة سماوية. ولعلي أعطي مثالا على النسق الخطابي الذي أعنيه, ففي فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله ذكر التالي بعد أن ساق آية {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ...} فقال: فنهي المؤمنين عن خوف أولياء الشيطان وأمرهم بخوفه. وخوفه -سبحانه- يوجب فعل ما أمر الله به وترك ما نهى عنه والاستغفار من الذنوب وحينئذ يندفع البلاء وينتصر على الأعداء فلهذا قال علي رضي الله عنه: (لا يخافن عبد إلا ذنبه) وإن سلط عليه مخلوق فما سلطه عليه إلا ذنوبه فليخف الله وليتب من ذنوبه التي ناله بها ما ناله؛ كما في الأثر: يقول الله: أنا الله مالك الملوك, قلوب الملوك ونواصيهم بيدي من أطاعني جعلتهم عليه رحمة ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة فلا تشتغلوا بسب الملوك وأطيعوني أعطف قلوبهم عليكم(8/164). فهذا النسق الخطابي من هذا الإمام يوضح مقصودي حيث يعيد توجيه الأمور إلى حيث الحقيقة ومكامن القوة وطريقة تجاوز الإشكالات إذ من مشكلاتنا الثقافية أننا نحب وبحيلة عقلية فيها كمبير من السهولة ومليئة بالراحة النفسية أن نتخلص من المسؤوليات التي قصرنا بها فنرميها/نسقطها على الآخرين, فشعوب الأرض الفاشلة مثلا تسقط تقصيراتها على الحكومات, والموظفون الفاشلون يسقطون إخفاقاتهم على مديريهم ورؤسائهم حتى إننا نجد ذلك بين طلاب المدارس فيسقطون فشلهم الدراسي وهم يضحكون ولا يعبئون على المدرسين ووكيل المدرسة ولا بأس أن يشركوا في ذلك حزم آبائهم ومتابعة أمهاتهم، وهذا النسق الخطابي المطروح من هذا الإمام والذي استشهد فيه بالأثر يقول لنا: لا تسقط شيء مما يصيبك على أحد من الخلق مهما كانت مسؤولياته تجاهك وإنما كل ما أصابك إنما هو بسببك أنت/أنت تقصيرًا وذنوبًا فعدْ إلى مراجعة طريقة أدائك في هذه الحياة وتفاعلاتك معها من خلال بوابة الوعي والاستيقاظ مفعلا برنامج الاستغفار والتوبة ومتوقفا عن إشغال نفسك بالسباب والشتام وتضييع أوقاتك في المعارضات والخصومات وما أظن الربيع العربي المزعوم إلا داخل في مثل هذا التحذير لو كانوا يفقهون.
القراءة الرابعة: الصور الرمزية والحس الأمني
إن ذاكرتنا ما زالت تحمل الانزعاج الكبير من الطريقة الداعشية التي تعامل بها أبناء هيلة العريني مع أمهما رحمها الله رحمة واسعة ولكني أتصور أن هذه الجريمة قربت للناس أكثر وأكثر خطورة هذا الفكر الداعشي على الوطن وأمنه وليس ذلك وحسب بل وعلى الأفراد ذواتهم من أبنائهم أو أقاربهم؛ حاملي ذلك الفكر المنحرف. وإنني على ثقة تامة بأنه لو تم إلقاء ألف محاضرة وتقديم مئات البرامج التلفازية والإذاعية عن خطورة فكر الدواعش على الأبناء لما أثرت كما أثرت طريقة قتل تلك الأم رحمها الله على يد ولديها إذن هذا الحدث جعل الناس في البيوت تتساءل عن مناهج الأبناء في الحياة وطريقة سيرهم وهذا بحد ذاته شيء جيد وإن مما لا شك فيه بأن طريقة فكر الدواعش في تنفيذ تلك الجريمة ساعد على تنمية الحس الوطني وبشكل مرتفع والحذر من أشكال التطرف والغلو من خلال مراقبة الأبناء وفتح خزائن التساؤلات عنهم؛ فمع من هم يذهبون ويتواصلون ويتزاورون ويتعلمون... الخ؟ إنني أعتقد بأن رؤوس الدواعش قد ندموا ندما شديدا على تحريك هذين الولدين إذ خسارتهم فادحة والنتائج جاءت بشكل عكسي ومخيبة وربما هذا ما يفسر أنهم أصبحوا بعد ذلك ميالين إلى استخدام الوافدين في تنفيذ مسلسل جرائمهم ولا بد من إحسان الاستفادة من هذا الحدث بالتذكير به كل فترة وأخرى على مستوى الأبناء ونعود مرة أخرى إلى المدارس وأهمية أن تجعل ذلك من اهتماماتها فالصورة الرمزية في هذه الواقعة الاجتماعية شديدة الأثر على الوجدان الإنساني حيث الابن يقتل أمه!! وبالتالي حسن الاستفادة منها بالتوعية من هذا الفكر أصبح ضرورة ولا نريد أن نكون عبارة عن ردة فعل ونكتفي بالتحذير منها في وقت حدوثها ثم نتناساها, نعم ربما نحن الكبار قد تبقى راسخة في أذهاننا ولكن أبناءنا في مدارسهم بحاجة إلى من يتولى زمام التخطيط لتذكيرهم. وإني أقترح على وزارة التعليم إنتاج فيلم يحكي هذه الواقعة وإلزام المدارس بعرضه على الطلاب، إذ إننا نحن من نساهم بصناعة واقعنا الاجتماعي وهذا هو الفرق بين الإنسان الواعي وغير الواعي وهي علاقات مترابطة ومسائل تبادلية لها في الواقع أثر بالغ ولذلك يقول (يان سبورك): إن ما يهم علم الاجتماع ليس مجموع الشظايا والأفراد وأنشطتهم بل الطابع الاجتماعي للعلاقات المتشيئة في العالم الاجتماعي وأصلها ودلالاتها, هذه العلاقات التي تصنع الأفراد كما أن الأفراد يصنعونها.
اقتراحات وتوصيات
1. أحب التنويه إلى القرارات التي باتت تؤكد عزم القيادة على الارتقاء بكل المواطنين هي محل اهتمام وتطلع مثل تلك القرارات المتعلقة بالسكن والوقوف ضد الفساد وهي تتضمن رسالة واضحة بأن الإصلاح قادم وليس على سبيل التراخي وإنما الفور.
2. إن التعبير عن الفرحة بمثل هذا اليوم في تاريخنا يستوجب أن يكون هناك تنظيم يوازي هذا اليوم التاريخي سواء في الشوارع أو المدارس وفي جميع منشآت الدولة وهذا يستوجب الاشتراك التخطيطي من عدة جهات.
3. المواطن له دور كبير في الدفع والرفع في بناء وتنمية هذا الوطن وليس أدل من ذلك على برنامج التحول الوطني ومشاركة مجموعات من المواطنين مع مهندس التحول الأمير محمد بن سلمان.
4. أتصور بأن المواطن اليوم أصبح على مستوى عال من الوعي لا سيما مع معاصرة الأوضاع في الدولة المتفجرة من حولنا وهذا ينعكس على تقدير هذا الوطن وتفهم المسؤولية تجاهه.
5. أؤكد على أهمية تفعيل دور المدارس وخصوصا إداراتها إذ هي تمارس دورا يجب ألا تتركه أو تغفل عنه وهنا ثمة سؤال يستلزم إجابة عملية: ما هي الخطة التي سيقدمها برنامج فطن للمجتمع ككل, ونحن إذ نقول ذلك فإننا نريد خطة مكتوبة ومنشورة لا أن يتم الاكتفاء بمحاضرات لبعض أصحاب التخصص الشرعي وطبعا هذا لا يقلل من دورهم ولكن هناك فرق بين خطة بها فريق عمل ورؤية وأهداف وأساليب وإجراءات متعددة ومناشط وبين خط واحد هو المحاضرة والإلقاء.
6. أؤكد على أهمية أن تكون كل مظاهر الاحتفاء بالوطن متناسبة مع أهميته وقَدْرِه ومنضبطة في المشاعر والسلوكيات.
هذا وإن عملية هذه القراءة السوسيولوجية للوطن كحب تتلمس ازديادا للتماسك في خضم أحداث جسام تطال منطقتنا فالحمد لله الذي جمع شملنا في وطننا ولم يشردنا والشكر له أن سلّمنا من رياح الإخفاقات والحروب، وساق الله القوة والحكمة والصلاح والإصلاح على يدي والدنا وقائدنا الملك سلمان بن عبدالعزيز وكتب لنا أجمعين السلامة والهداية والتوفيق والرشاد.
- عبدالرحمن الشمري
@Ask_alshammari