عبده الأسمري
قدم إلى دفة الوزارة بفكر مؤسساتي ودلف إلى أروقة الحقبة الوزارية الأكثر جدلاً، فحوّلها إلى الأجدى عدلاً قياساً بالزمن واتكاءً على النتائج. من بين عمق التحدي بدأ عمله ومن سطح الجدوى سار بخطى واثقة. يتفق كثيراً أمام معادلة العمل ويختلف أكثر حول متراجحة الأخطاء. من جيل القادمين بالشهادات العليا الراحلين وراء «طلب المعرفة» والمرتحلين، إلى حين تكون «نقطة النظام» واضحة ونقاط التقييم حاضرة في «خانة الأرقام الصحيحة» المعتمدة على «الابتكار والإبداع»،
إنه وزير النقل سليمان الحمدان الذي اختارته الثقة الملكية، ليتولى الوزارة المرتبطة بالمتطلّبات المترابطة مع الاحتياجات، والأعلى شمولية في الخدمات المساندة للفرد والمجتمع.
من الزلفي موطن الآباء والأجداد، الباذخة بولادة الفقهاء والعلماء ورجال الأعمال والمثقفين والمفكرين والساسة، خرج الحمدان من أسرة تكافح علماً وتنافح أملاً في اتجاه دروب العالمية، نشأ وهو يسمع من جنبات (عرعر في الشمال) حيث نشأ وأنهى دراسته الثانوية فيها قبل التحاقه بجامعة الملك سعود بالرياض قصص أصحاب الشهادات العليا الذين كانوا يستقبلون بالاحتفالات ويودعون بالدعوات، وترعرع في بيئة تشجع المتميز وتدعم المنجز، فنمت في ذاكرته الغضة «آمال المستقبل»، وتنامت في مخيلته «قصص الامتياز ومسارات الإنجاز»، أكمل دراسته في الرياض التي كانت تحتضن كل أطياف الوطن، وتحتفل بكل متفوق لتكون مع مناطق المملكة أيقونة لإنجاب الكفاءات.
من كلية التجارة بالرياض كان الحمدان من أوائل المميزين الذين غادروا أجواء الوطن إلى أمريكا وراء دافعية العلا، فنال درجة الماجستير في إدارة الأعمال تخصص الإدارة والتنظيم والتسويق من «نيو هيفن» إحدى أرقى جامعات أمريكا.
قدم الحمدان لوزارة النقل من بوابة هيئة الطيران المدني، عندما كان رئيساً للهيئة وقبلها سيرة ناصعة بالإنتاج كرئيس تنفيذي لمجموعة ناس القابضة.
أسس الحمدان منهجية جديدة في الوزارة التي عانت لعقود من بيروقراطية غامضة وغموض بيروقراطي، فنقلها إلى وزارة متنقلة الأداء ما بين الحكومة الإليكترونية والتسريع الميداني للمشاريع ووظف نظام المتابعة بشكل حازم، حيث ألغى من سجلات الوزارة الإحصائيات العتيقة ونظف الفروع من نظام الكتيبات السنوية، وربط العمل المناطقي مع الوزارة بشبكة نقل معلوماتية تشبه الربط الجوي، بين المطارات والترابط البري بين المناطق.
يغلب على عمله الجانب التنفيذي، لذا وظف مفهوماً متنامياً للجولات الميدانية التي أنهت المخالفات ووأدت التجاوزات في العديد من ميادين الوزارة.
أضاء الحمدان دروباً جديدة في التطوير والتحوير، حيث ضخ دماء شابة جديدة في فروع المناطق وفي وظائف قيادية في وزارته، ورغم أنه في أعتاب العقد السادس إلا أنه يفكر بروح الشباب ويبتكر بأنفاس النجوم الصاعدة.
ركز الحمدان على تغطية خدمات النقل الجوي وسد ثغرات الخدمات الملاحية، فوضع الخطط الاستراتيجية للمطارات وتوسعة الصالات وتنفيذ عشرات الإنجازات المميزة قياساً ببضعة أشهر كانت شاهدة على باكورة عمل متميز منذ البدايات، وبوابة أمل لوزارة النقل، لنقلها من عمق «الاتهام» إلى مستوى «الامتياز» بلغة الأرقام وبواقع النتائج.
ركز الحمدان منذ توليه في أول مهامه على هموم النقل البري ومتطلبات الإنسان مع توسع المكان، حيث وضع خطته في إنشاء شبكة للربط البري بين الساحلين الغربي والشرقي، وأيضا استكمال منظومة مشاريع متأخرة لربط عدة مناطق بطرق تعهد بأنها ستكون «نماذج عالمية» بكفاءة التخطيط وجودة الإنتاج.
وفي قطاع الموارد البشرية وخطة الدولة في إتاحة العمل للمرأة السعودية ووضعها كأولوية في مهام المستقبل، نادى الحمدان بتوظيف النساء في وزارة النقل، وخط قلمه قرارات مذيلة بالتوقيع والتاريخ لتوفير أقسام نسائية في فروع الوزارة، واضعاً نموذجاً فريداً من المشاركة الفاعلة للمرأة في قطاع العمل الحكومي بأسلوب علمي وفكر عالمي وبُعد نظر مؤسساتي.
وزارة النقل في عهدة الوزير التنفيذي وحقبة وزارية مشجعة خفضت من مستوى الشكوى، ورفعت من معدل الرضا، ونثرت الورود في دروب الوزارة التي تعانق المهام جواً وبراً وبحراً. حيث مثل الحمدان شخص في هيئة «درب أمل» وقامة في شخصية «عقل متنقل» و«فكر مدبر» للوزارة القادمة بقوة والمحتفلة بعمل مؤسساتي جديد، سيجعلها في مسافات التنمية حاضرة وناضرة نحو الحضارة والجدارة حاضراً ومستقبلاً.