سعد بن عبدالقادر القويعي
بعد أن أكد مسؤولو المخابرات الأمريكية الانتهاء من فحص 28 ورقة سرية من التقرير الرسمي الخاص بهجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة، وأنها لا تظهر أي دليل على أن السعودية لعبت دوراً في تلك الهجمات، فقد تجاهل الكونغرس بتبنيه التشريع المثير للجدل قراره السابق، بتبرئة السعودية من أي ارتباط لها بمنفذي اعتداءات 11 سبتمبر؛ ليقر مجلس النواب الأمريكي قانوناً يسمح لضحايا اعتداءات الحادثة، وأقاربهم بمقاضاة حكومات أجنبية، بينها السعودية، والتي يشتبه بدعمها أعمالاً إرهابية ضد الولايات المتحدة -بزعمهم-.
إن أحجية الصفحات السرية بدت -منذ الأيام الأولى- مغرضة؛ هدفها ابتزاز المملكة بملف لا تملك مضمونه، ولا حيثياته؛ لتؤكد هذه الممارسات أن تياراً أيديولوجياً داخلياً نشط منذ عهد الرئيس -جورج بوش الابن-؛ للدفع إلى الضغط على الرياض، وما تملكه لدى العالم الإسلامي السني، مقابل الترويج للاقتراب من طهران، والخيار الشيعي في العالم العربي، والذي قاد إلى التوقيع على الاتفاق النووي، وانحيازها إلى النظام الإيراني على كل المستويات - الإعلامية والسياسية -.
مع مخالفة القانون لمبدأ الحصانة السيادية التي تحمي الدول من القضايا المدنية، أو الجنائية، فإن إثارة موضوع الصفحات الـ 28 بعد 15 عاماً من الحدث، تعبّر -بلا شك- عن كم التوتر الحاصل في علاقة الرياض بإدارة أوباما، وإلى خلفية الخلافات حول ملفات رئيسة في منطقة الشرق الأوسط، كمصر، وسوريا، وإيران. وأن سلوك الابتزاز الممارس في هذا الملف لا يليق بأداء دولة عظمى، -لا سيما- مع دولة صديقة، بل ستساعد تلك الممارسات الابتزازية على تخفيف فكرة الأحلاف السياسية، والعسكرية، والاقتصادية بين البلدين، -خصوصاً- وأن هذه الشراكة بينهما كانت واحدة من ثوابت حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
التاريخ يشهد أن السعودية لم تنخرط في أي سلوك معاد للغرب، -خصوصاً- ضد الولايات المتحدة، -وبالتالي- فإن العلاقة بين البلدين قد تكون مهددة بسبب مشروع القانون. وعلى أيى حال؛ فبموجب القانون الحالي، لا يمكن لضحايا الإرهاب سوى مقاضاة الدول التي تصنفها وزارة الخارجية الأمريكية رسمياً دولاً راعية للإرهاب، مثل: إيران، وسوريا.
سيقوض القانون في حال إقراره سلباً من الحصانة السيادية للدول الأجنبية، وذلك وفق الأعراف البروتوكولية المعروفة؛ الأمر الذي سيؤدي إلى قيام الدول الأجنبية بٌإقرار قوانين مماثلة، ومن ثم مقاضاة الولايات المتحدة تحت مزاعم تورطها في دول أخرى، وسيفتح الباب للتعامل مع الولايات المتحدة بالمثل؛ مما يعني ملاحقتها قضائياً هي الأخرى في دول، مثل: أفغانستان، والعراق، وتعريض جنودها للاعتقال، كما سيعرض المسؤولين الأمريكيين من مخاطر الملاحقة القانونية.