عبدالحفيظ الشمري
توتر الطلاب في معظم المراحل التعليمية وقلقهم نوقشا أكثر من مرة على يد عدد من الباحثين، وأُشبعا تمحيصًا من قِبل الدارسين والمنظّرين، إلا أن النتائج بعيدة عن التطبيق؛ فقد أدركوا حينها أن التعليم في العالم العربي بوجه عام تعيقه حالات كثيرة تسبق هذا التوتر الذي يعانيه الطلاب.
وحينما نحمل أسئلتنا المتعلقة بكنه ماهية الأسباب وراء التوتر والقلق والتبرم من المدرسة؟ ندرك للوهلة الأولى أن البيئة لها دور واضح. أي أنه كلما كانت أجواء العملية التعليمية مناسبة ومتكاملة المرافق فإن العطاء سيكون متميزًا، أما إن كانت البيئة المدرسية غير متوائمة مع معايير الجودة والنوعية فإنها حتمًا ستنعكس على الحالة التعليمية وعلى سلوك الطالب؛ ما قد يولّد لديه هذا الشعور بالتوتر والنفور من الحياة التعليمية.
وحينما نرقب ـ على سبيل المثال ـ فرحتهم المبالغ فيها بيوم الإجازة، أو التخلص من يوم دراسي واحد، ندرك أن المشكلة تتمثل في الشحن المعنوي الذي قد يأتي من المنزل والأسرة التي تجد أن التهيئة للمدرسة أمر في غاية الصعوبة؛ ما قد يسبّب نوعًا من الضغوط النفسية على الطالب حينما يكتشف أن المدرسة تشكّل للأهل بعبعًا ومصدر قلق.
قد نجد أن الإجازة هي المتنفس الوحيد، أو المهرب الممكن من هذه الواجبات التعليمية؛ ما قد يتسبب في ضعف حالة التلقي، وهشاشة الإقبال على التحصيل العلمي؛ لتصبح الإجازات أو التوقف هاجسًا ملحًّا؛ يسأل عنه الطالب؛ ويساعده في ذلك أحيانًا رأي الأسرة التي قد تجد مبررًا لغياب ابنها عن الحضور.
ومن الطرائف في أمر التوتر والهرب من أجواء المدرسة أنه من خلال بعض الدراسات الميدانية تأكد أن كبار السن يشعرون بالقلق ذاته الذي يشعر به الطالب، بل إنهم يبتهجون بأمر الإجازات، وكأنها مُنحت لهم؛ ما يولد لدى الطلاب شعورًا إضافيًّا بأن الأمر لا يخلو من معاناة.
وقد يسهم المعلمون والمعلمات في أمر هذا النفور المحتمل من المدرسة إذا كانوا ينظرون إلى التعليم باعتباره وظيفة شاقة، أو مصدر رزق وحسب، وهم بذلك يفوتون الفرصة على من لديه رغبة وعطاء لخدمة التعليم، والتأثير على الطلاب لجعل المدرسة بيئة جاذبة لا طاردة؛ لعلهم يسهمون في بناء مستقبلهم التعليمي بأسلوب أكثر وعيًا ودراية، وأقل توترًا.
ولا شك أن للأسرة دورًا تأهيليًّا، وتهيئة مناسبة؛ لكي يكون الطالب مقبلاً على الحقل التعليمي؛ لعلنا نعبر في رسالة التعليم والتربية إلى مستويات مناسبة، تحقق لنا أجمل الأهداف في بناء جيل اليوم الذي نعده ذخيرة للمستقبل.