محمد بن علي الشهري
هناك معضلة تضرب أطنابها بقوة في عمق مستقبلنا الكروي القريب والبعيد، على أن المعضلة الأدهى والأمرّ، هي أن من يعنيهم الأمر لا يلقون لها بالاً وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد، والسبب أن (كلاً يغني على ليلاه) رغم اتضاح الحاجة الملحّة إلى وقفة صادقة ومسؤولة من شأنها إنقاذ الموقف حتى لا تتفاقم الأمور أكثر وأكثر، ولكن؟!
يعلم الجميع بأن (ناصر الشمراني) هو آخر لاعب سعودي حقق لقب هداف الدوري منذ عدة مواسم بمشاركة (مختار فلاتة) حسب إفادة الراصد الأستاذ (علي معتوق العمري)، ومن وقتها، وحتى الآن وهذا اللقب حكر على الأجانب، إلى درجة أن الذين تنافسوا على تحقيقه، أو حتى على مستوى الوصافة ليس من بينهم لاعب سعودي؟!
ففي الموسم قبل الماضي حقق اللقب السوري (عمر السومة)، وفي الموسم الماضي كان الصراع على صدارة التهديف قائماً على أشدّه بينه وبين الفينزولّي (ريفاس) لاعب الاتحاد الذي حلّ في مركز الوصافة بعد السومة.
وفي موسمنا الراهن، وعلى طريقة (ليالي العيد تبان من عصاريها) على اعتبار أننا لا نزال في بداية المشوار.. ها هم ثلاثة من اللاعبين غير السعوديين (كهرباء، بن يطو، السومة) يتنافسون بشدّة على تحطيم أرقام بعضهم البعض تهديفياً، وبغزارة - ما شاء الله-، في دلالة واضحة وجلية على أنه لا مكان، ولا وجود للهداف السعودي حتى على مستوى وصافة الوصافة؟!
لا يمكننا لوم الأندية التي تصرف مئات الملايين على ممارسة حقها في استقطاب من يحقق لها المكاسب، وبالتالي فهي غير مسؤولة عن نتائج (غيبوبة) من يعنيهم الأمر برمّته.
غير أن السؤال الذي لم يُطرح بجدية ومسؤولية هو: من دفع، وسيستمر في دفع الثمن غالياً، أليس الأخضر.. بدليل مستوياته التهديفية الهزيلة التي باتت تتجسّد شيئاً فشيئاً من خلال مبارياته الأخيرة، وستتضح أكثر وأكثر خلال القادم من المعتركات، وتحديداً أمام المنتخبات القوية!
وحبذا لو أن المشكلة توقفت عند تقاعس من يعنيهم الأمر عن استشعار الخطر، ووجوب دراسة الحالة للخروج ببعض الحلول على أقل تقدير، غير أن ما زاد من تفاقم المشكلة هو أن اللاعب السعودي - أعني المنوط به مهمة التهديف- هو الآخر يعيش في شبه (غيبوبة) لا يكاد يفيق منها، فالمهم لديه هو إبرام العقد (المليوني) ومن ثم النوم على وسادته على اعتبار أنه في قرارة نفسه قد حقق كل طموحاته وبذلك يتوقف عن العطاء، هذا إذا لم يتحوّل إلى عالة، والأمثلة متوافرة و(على قفا من يشيل)، أي أنه أحد العناصر الأساسية في تفاقم المشكلة؟!
بعكس المحترف غير السعودي - وأعني الغالبية- إذ إن عناصر بلوغ الغاية لديه مرتبطة ببعضها البعض، على رأسها الكسب المادي بطبيعة الحال، والذي تتطلب مهمة الحصول عليه توافر جملة من العناصر الأخرى التي تبدأ بإثبات قدراته ميدانياً، مروراً بإقناع الجميع بأحقيته في ملء المركز، وانتهاءً بتجسيد كل تلك العناصر من خلال العطاء السخي، وبالتالي بلوغ درجة النجاح، ولذلك فهو يحترق في سبيل تحقيق طموحاته.
خلاصة القول: إن ظل المنتخب بلا خط هجوم كفء وفعّال، فلن تقوم له قائمة، ولن يختلف مصيره وحظه من الاستحقاقات الراهنة والقادمة بأفضل من حظ ومصير المنتخب (أبو نقطة) الذي عاد منذ أيام من الهند.
«ماتوساس» إلى حيث ألقت
أحسنت الإدارة الهلالية صنعاً حينما بادرت بإنقاذ الفريق من العبث الذي كان يمارسه (ماتوساس) بحق الفريق، وبذلك أنقذت الفريق مما كان ينتظره من مآس جمّة رتّب ويرتّب لها ذلك الـ(ماتوساس) التعيس.
ذلك أنه لا يمكن لأصغر مشجع في المدرج الأزرق أن يقتنع بأن ما يمارسه ماتوساس بحق الفريق يمكن أن يندرج ضمن مفاهيم التدريب، ناهيك عن أن يكون ضمن مفاهيم الرغبة في الكسب والمضي قدماً في المنافسة؟!
إذ لا يمكن لأي مدرب ينشد النجاح في مهمته، وبالتالي يعمل على تحقيق التطلعات، أن يعمل عامداً متعمداً على تعطيل قدرات الفريق بذلك الشكل (المريب) من خلال العبث في مراكز اللاعبين، ومن خلال التوظيف الخاطئ (المتعمّد) للعناصر القادرة على العطاء وتحقيق النجاح والكسب للفريق، بغية بعثرة مجهوداتها، هذا عدا تعمّد (رَكن) بعض العناصر الفعَّالة الأخرى على الدكة أو استبعادها؟!
يعني بصريح العبارة، وبعيداً عن حسابات الفوز والخسارة: لقد أحال الفريق إلى دوامة من الفوضى العارمة، رغم ما يضمه من النجوم الكبار الذين بمقدورهم إنجاح مهمة أي مدرب ينشد النجاح.
نعم: كل تلك التدابير (المريبة) كانت تشير إلى أنه كان يعبث عامداً في سبيل إجبار الإدارة على (طرده) وإنقاذ الفريق مما يُراد به، على طريقة (لا بد مما ليس منه بد).
ويبقى على الإدارة الهلالية بعد أن تدخلت في الوقت المناسب، ونفذت رغبة ماتوساس، وبالتالي أنقذت الفريق من (شرّه)، ألاّ ترضخ في مسألة الشرط الجزائي، بل عليها أن تحاكمه، على اعتبار أن كل ما ظل يمارسه بحق الفريق طوال فترة عمله، وبشهادة الخبراء، كان ضرباً من ضروب العبث الذي لا يقدم على ممارسته أي مدرب يحترم مهنته، وبالتالي فإنه يُعتبر إدانة دامغة ضده.