بدأت القصة منذ سقوط الدولة العثمانية كمرجع وحيد لفكرة الخلافة التي تمسك بها مريدو هذا النوع من أنظمة الحكم في الإسلام، فحينما سقطت الخلافة أراد أنصار التيارات الحركية السنية منها والشيعية خلق نظام أحادي الحكم عملا بما تقتضيه الفكرة الجوهرية التي تسيطر على وجدانهم «الخلافة»، فبدأت بذرة العمل المؤسسي للجماعات الإسلامية مع حسن البنا الذي أسس بدورة ما يعرف بجماعة الإخوان المسلمين التي تهدف في أدبياتها إلى الإصلاح السياسي والديني والاجتماعي على حد زعمهم, ثم حمل الراية بمرافقته الأديب سيد قطب صاحب فكرة «الحاكمية»، حيث صنع حزب القطبيين في الجماعة الذي يتصفون بالشدة أكثر من قرنائهم البنائيين. تطورت الفكرة حتى انجذب لها الخامنئي الذي كان بدوره يقوم بالتعبئة الفكرية للثورة الإيرانية وقد ذكر أنه قام فعليا بترجمة بعض مؤلفات سيد قطب للغة الفارسية لإقناع مريديه بأهداف الثورة وطموحاتها ومن هنا تلتقي المشتركات الحزبية بين التيار الحركي السني والشيعي حتى هذا العصر. أما اليوم فقد تغلل هذا الفكر بشقيه السني والشيعي في جميع الدول العربية والطامح إلى إعادة الخلافة المزعومة سواء بمفهومها الشيعي أو السني وقد أصدرت دولة الخليج قرارا بتجريم جماعة الإخوان المسلمين واعتبراها جماعة إرهابية. ما يهمنا بالمعادلة هو وجود مريدين يحلمون بأشواق الحرية التي يعد بها الخامنئي لبعض الشيعة العرب في الدول الخليجية والسعودية بالتحديد ولو تمعن من يجدون في ولاية الفقيه حلا سحريا لترسية العدالة في العالم العربي تعامل الإيرانيين مع الشيعة العرب في الأحواز والاضطهاد الذي يواجهونه من الحكم الفارسي رغم تشيعهم لبدا لهم جليا أن الحماية الطائفية التي وظفها الخامنئي لهم ليست إلا طعم يخدم الأفكار التوسعية العليا للثورة كما أن معاملة الفرس للشيعة السعوديين الذي يذهبون للزيارة الدينية تدل على فوقية فارسية ليس لها علاقة بالوئام الطائفي الذي يدعيه كبيرهم! أخيراً.. ما يهمنا هو أن يكون ولاء الأقليات الشيعية في العالم العربي والخليج والسعودية خاصة لحكوماتهم التي لم تتدخل في طقوسهم الدينية ولم تحارب منهم إلا من رفع السلاح وأن يعلموا يقينا أن كل فكرة طائفية هي فكرة يوظفها السياسي ليتجاوز مفهوم الوطن بمفهوم الخلافة وذلك بمساعدة البسطاء الذين تنطلي عليهم مثل هذه الطموحات السياسية التوسعية.
- خليل الذيابي