د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
حديثي اليوم فضاء مفتوح؛ ليرسم محاكاة باذخة عن وطني النفيس (المملكة العربية السعودية) حين ميلاده المجيد السادس والثمانين (وقد كان النفيس به البريقُ). تلك البلاد الأثيرة التي تحزم عزائم القوة، وتباري أوقات الإتمام، وتجتازها سباقة، وتبني منصات الثراء الداخلي الذي يتجاوز الشفرات والمفاتيح الخارجية وإن تباروا.
وفي كل عام تظلّ معاني اليوم الوطني الباذخة حزمًا من الانتماء والولاء وكل صياغات التمجيد في المكانة والتمكين، يذكر فيها اسمه؛ فوشائج الوطن في بلادنا تضرب بجذور متينة في رِكاز المجد, وتنزع إلى الأصالة, وترتبط بمبدأ قويم يفيض عدلاً وفضلاً, ومثالية متصلة, ومتعلقة بالقيم النبيلة التي دائمًا ما تكون جديرة بالاحتفاء والفرح وإعلان الاستحقاق الأول والأخير لهذه الأرض؛ لنحملها فوق الهامات, ونباهي بها الأمم, ونتباهى بعزائم الرجال الذين صنعوا ذلك الكيان، يقودهم موحد البلاد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله -.
سقتها الغوادي كم بها من مرابع
يعطّر أنفاس النعامى عبيرها
إذا داعبتها السحبُ أو جسّها الصبا
تأرج مغناها وراق غديرها
إذا قادها عبد العزيز لراية
تهوّك مسعاها وغرّ غرورها
وفي يومنا الوطني المجيد نلتقي بعرائس أمجاده، ونُشعل فوق ثراها دروبنا نحو مستقبل متين بقوة نفوذ متنامية بإذن الله؛ فمعاني الوطن شحنات وطاقات قوية، تتهادى فيها الكلمات؛ فتعلو عن النسق المعتاد؛ فتشرئب أعناق اللغة مجلجلة بأن وطننا مضمار حياتنا، نتقابل في دروبه, ونتواشج في قلوبه ونواحيه، ونشتم رحيق ودّه, ونلتقي في حياضه الجميلة الممتلئة بالحواشي الصحراوية، والرياض الندية. وفي هذه الذكرى الغالية تشرق شموس، توقد تلك المشاعر, تلكم هي منابع التنمية الوافرة، ومصباتها الغزيرة حيث يتوالى في بلادنا حفز ذلك؛ فاستُصدرت القوانين واستُحدثت التوجيهات والأوامر السامية لصناعة الاستقرار والرخاء للبلاد، وتوفير العيش الرغيد. وكانت لنا في هذا العام رؤيتنا الفريدة 2030؛ لتلبس ديارنا حللاً تنموية جديدة؛ فحُشدت لتحقيقها الموارد البشرية والميزانيات الضخمة. كما استُحدثت قنوات تنموية جديدة؛ فكانت قفزات تنموية شاسعة لصناعة التحول نحو تطوير قادم في التعليم والصحة والإسكان والتجارة والصناعة والزراعة والنقل، وغيرها من مقومات الحضارة. وكان للشباب مفاصل أخرى، انشق عنها ليلهم؛ ليبلغوا في النهار أحلاه؛ فكان محيطهم باذخًا بكل منتج داعم ومحفز, وكانت حبال الوطن تربطهم، وأصبح ذلك الحراك يجوب بلادنا موئل المقدسات، وحاضرة الحرمين الشريفين، تلك المقدسات التي تسمّى حكامنا بخدمتها تشريفًا إلى عهد ملك الحزم والعزم سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -.
وفي ذكرى يوم ميلاد الوطن لا بد أن تكون طقوس الفرح من محطات مشترَكة البوابات؛ لنسير نحو التلازم والتآزر والتراحم في كل فضاءاتنا، وأن نسعى إلى تمتين اللحمة الوطنية، وأن لا يكون هناك جدل حول مقاصد المواطنة وأهدافها، وأن الأحداث التي تخاتل أمن الوطن أحيانًا ينبغي أن تكون مصنعًا لمراكب العبور الجديدة. فذكرى اليوم الوطني وأمنه ثنائية سامية، وهما ملحمتنا الحاضرة التي نشدو بها، وتمثّل اتحادنا وتآزرنا إلى الأبد.
بوح لقائد الوطن خادم الحرمين الشريفين في يوم الوطن المجيد:
قلوب الشعب تقرؤكم سلامًا
وتفخر أن تكون لها إماما
نحبك إي ورب الكون صدقًا
نباهي فيك ودا واحتراما
ولا في الناس ما رُمتَ المعالي
بلى جاءتك طائعة دواما
إذا عُدّت خصال الحكم يومًا
فإن مُقامكم أعلى مُقاما