يُعدّ دور التعليم في تأصيل القيم الوطنية لدى الطلبة وغرسها في نفوسهم في الوقت الراهن أوجب من ذي قبل وأكثر لزامَا، فهو دور رئيس وملح في ظل الفتن والمؤامرات التي تحيط بالمملكة العربية السعودية من أعداء الحق والسلام، وحساد الأمن والرخاء، وأصحاب الفكر الضال وأهل العقائد المنحرفة من الخارج، إضافة إلى عدة عوامل مؤثرة من الداخل، كسطحية فكر البعض وهشاشته، وأصوات دعاة الحرية المزيفة، والانغلاق الفكري لدى المتشددين، وبعض التيارات الفكرية والنماذج الذهنية لدى أفراد المجتمع القائمة على تصورات ومعتقدات وعادات متأصلة منذ القدم.
كما أن «رؤية الوطن 2030» التي تركز على الاستثمار في التعليم من خلال تزويد الطلبة بالمهارات والمعارف اللازمة لوظائف المستقبل تؤكد على أننا في أمس الحاجة إلى تعميق القيم الوطنية عند كل من يعمل في المنظومة التعليمية بمختلف مراكزهم وتنوع أعمالهم الوظيفية، فالوطنية أعمق بكثير من المواطنة؛ لأنها لا تستقيم إلا في ظل العمل الدؤوب والهمة العالية وتقديم المصلحة العامة على الخاصة
وعليه لا بد أن يكون للتعليم مشروع ذو استراتيجية واضحة لغرس القيم الوطنية في وجدان الطلبة وعدم الاكتفاء بمقرر الدراسات الاجتماعية والوطنية باعتبار أن القيم الوطنية سلوك حياة، لا يمكن اختزالها في مقرر دراسي واحد وهذا يتطلب عدة أمور منها:
- تطوير قدرات المعلمين وأساتذة الجامعات ممن هم على رأس العمل من خلال دورات تدريبية مكثفة باتجاه التربية على المواطنة؛ ليصبح كل منهم فاعل في محيطه ودائرة ثأثيره يدرك بأننا نعيش في عالم متغير يحتاج إلى فكر متجدد، ويكون قادرًا على إصدار الأحكام والآراء البناءة التي تمكنه من العمل بجدية وفاعلية، ويتحمل المسؤولية للاشتراك في عملية صنع القرارات، يعي شؤون مجتمعه ويهتم بها، ويبرهن على هذا عمليًا بجودة المنتج (الطالب) الذي يخرج من بين يده.
- تأهيل المعلمون وأساتذة الجامعات الجدد قبل الانخراط في التدريس لمدة عام كامل أو فصل دراسي على أقل تقدير.
- تمكين الطلبة من التصدي لمشكلات المجتمع من بداية مراحل التعليم الأولى، ليعتادوا على أساليب البحث العلمي في معالجة القضايا قبل الوصول إلى المرحلة الجامعية.
- تكثيف المهمات الثرية والمشروعات الجماعية والأنشطة العملية والميدانية التي تحقق تعلمًا ذا معنى وتكتسب من خلالها مهارات حياتية، كالتعاون وحب المشاركة وإدارة الذات والتواصل الجيد مع الآخرين والقدرة على الحوار واحترام الحقوق والواجبات والمحافظة على مكتسبات الوطن وغيرها من المهارات.
- توسيع نطاق المشاركات الطلابية الإبداعية التي تقوي الشعور بالانتماء وتقديرالمسؤولية وتسمح باكتشاف المواهب وتعمل على رعايتها بما يحقق للوطن ذخائر علم واقتصاد معرفة.
- المشاركة المجتمعية بين المدرسة والمؤسسات المختلفة سواء الحكومية أو التابعة للقطاع الخاص ليحدث الاندماج الحقيقي للطلبة في مجتمعاتهم وتتعمق الوحدة الوطنية في نفوسهم.
وختامًا: لعل اليوم الوطني وهو مناسبة عزيزة على قلوبنا يجعلنا نستحضر واجباتنا نحوه ونستنهض هممنا
«لتبقى بلادي منار الأمم
وتمنع عنها دياجي الظلم
باسم المهيمن حامي العلم
وعزم السيوف وهدي القلم»
كل عام والوطن والقيادة الرشيدة والشعب الوفي في سؤدد.
عائشة بنت شنوان العنزي - مديرة الإشراف التربوي في إدارة تعليم القريات