تحتفل المملكة بذكرى تأسيسها في ظل جملة من المتغيرات والتحديات على الساحة الداخلية والخارجية. ففي الداخل تتولى دفة الإدارة في أغلب شؤونها الاقتصادية الحساسة وجوه شابه، تجتمع بشكل أسبوعي تحت مظلة مجلس شؤون الاقتصاد والتنمية؛ إذ رسمت للمستقبل رؤية وهدفًا واضحًا للتحول عن الاعتماد على النفط وحده كمصدر للدخل، ووضع خارطة طريق ومبادرات نحو تفعيل وتعزيز مصادر الدخل الأخرى، أو ابتكار مصادر جديدة، وتحفيز القوى الوطنية؛ لتكون أكثر فاعلية في إطار هذا المشروع الوطني الطموح.
وعلى المستوى الخارجي، بادرت المملكة من منطلق مسؤولياتها الأخلاقية بأن تقود تحالف عربي ضد مساعي الهيمنة الخارجية على دول المنطقة، أو التدخل في شؤونها الداخلية، وتحالف دولي بهدف مكافحة الإرهاب. وتواجه أيضًا جملة من التحديات الأخرى المستجدة، لعل أهمها الاستعداد للتصدي للآثار السلبية المحتملة لمشروع القانون الأمريكي لمعاقبة الدول الراعية للإرهاب (جاستا) في حال تم إقراره ودخوله حيز التنفيذ.
الأهداف والطموحات الكبرى لا بد أن ترتكز على قوى وقيادات وطنية، تعمل من منطلق المصلحة الوطنية دون كلل أو ملل، وأن تخضع المبادرات والإنجازات للتقويم والجرد المستمر والمحاسبة على مدى الفترة الزمنية المقرة لرؤية 2030؛ فيؤخذ بيد من يعمل وفق الخطة، ويحاسَب المقصر ويُستبدل، وتؤخذ قرارات جريئة بالتراجع عن أي مبادرة يصعب تحقيقها.
فخلال الفترة القليلة الماضية أُطلقت العديد من المبادرات، وأُنشئت بعض الهيئات الوليدة، ويعقد المواطنون آمالاً عريضة بأن تتحقق طموحاتهم في تنمية مستدامة، ترتكز على توفير المسكن وفق شروط معقولة، ورعاية صحية وفق أفضل المعايير الدولية، وتعليم مثمر يتجاوز الواقع الحالي لمخرجات بعض المؤسسات التعليمية، وتوفير فرص عمل مناسبة للمواطنين، وتنمية ثقافية وقانونية، والتحول نحو المجتمع المدني المتحضر بدلاً من الرجوع للوراء بانتشار السلوك الفوضوي في الحياة العامة. كل هذه الآمال يمكن أن تتحقق إذا تمت مراقبة أداء الجهاز التنفيذي بحزم للالتزام بتنفيذ السياسات العامة والخطط والأهداف المرسومة، وإذا وضع الشخص المناسب في المكان المناسب على أساس الكفاءة والجدارة.
- د. محمد الشمري